مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان

Organization for Human Rights Meezaan

زواج ليس بزواج

مقالات قانونية

بقلم المحامي زياد عرابي

إن القانون الاسرائيلي يمنع تعدد الزوجات خلافا لشرعنا الحنيف الذي اباح ذلك ضمن ضوابط وشروط اشترطها الشارع

 

الحكيم وبينها اهل العلم من فقهائنا وعلمائنا. وإنني هنا لست في معرض للتطرق اليها، ولذا فإننا نرى الكثيرين من ابنائنا وبناتنا ممن يحاولون التحايل على القانون الاسرائيلي من خلال ما اباحه القانون الاسرائيلي نفسه بما يسمى “الصاحبة او العشيقة” (ידועה בציבור)، ومن خلال ما يسمى باتفاقية زواج، أو اتفاقية حياة مشتركه يقوم “الزوجان” بإجرائها أمام محامٍ وليست أمام مأذون شرعي معتمد، يتفقان من خلالها على اقامة “حياة زوجية مشتركة” والسكن معاً، وفي بعض الأحيان يسميان مهراً وغيرها من الشروط التي تضمن “للزوجة” حقها، معتقدين بأن هذه الاتفاقية هي بمثابة عقد زواج صحيح، وإن كان حضرها بعض الاهل او الاصدقاء، وفي الكثير من الحالات التي تعرض علينا يتضح لنا بشكل جلي ان هذه الاتفاقية لا يمكن تسميتها عقد زواج شرعياً، لأنها تفتقر الى ابسط مقومات العقد الشرعي التي اشترطها الشارع الحكيم، ومن اهمها: الشاهدان، والولي، والايجاب والقبول على الوصف الذي بينه واشترطه الشارع الحكيم.
فهذه “المسكينة” تعتقد انها زوجة على سنة الله ورسوله، فتحصل العشرة الزوجية، وتنجب الاولاد، ولكن الامر ليس كذلك، فهذا الزواج لا يمكن تسميته شرعاً بزواج، بل هو مخالف لذلك، بل هو باطل، بل هو حرام.
وحينما يحصل خلاف او نزاع وشقاق بين “الزوجين” يتضح لها انها ليست بزوجته وانه لا حقوق لها، فلا حق لها في النفقة ولا حق لها في التوارث، وهكذا تضيع حقوقها وتتحول حياتها الى جحيم.
وهنالك حالات اخرى عرضت علي من خلال عملي في المحاكم الشرعية وربما تطرق اليها غيري من اهل العلم في مناسبات سابقة، ولكنني رأيت انه من المناسب جدا ذكرها مرة أخرى والتأكيد على خطورتها الشرعية والاجتماعية وما ينتج عنها من ضياع للحقوق وفساد في المجتمع وخسران في الدنيا والاخرة.
فعلى سبيل المثال: اقنع زوج زوجته بأن يطلقها، والهدف من ذلك ليس تطليقها وحل الرابطة الزوجية بينهما وإنما للحصول على قرار يقضي بتفريقهما، “قرار طلاق”، من اجل التوجه به الى مؤسسة التأمين الوطني للحصول على مستحقات ومبالغ مالية خصصت للأزواج المطلقين، وفعلا حضر الزوجان الى المحكمة الشرعية وصرحا أمام القاضي بأن حياتهما جحيم لا تطاق، مما أدى الى استحالة استمرارية الحياة الزوجية بينهما، وعليه ودون الخوض في الاسباب التي ادت الى ذلك فإنهما يرغبان بحل الرابطة الزوجية بينهما، وقد وقعا على اتفاقية طلاق بالتراضي لهذا الغرض بشروط اتفقا عليها او بالإبراء العام، وقدمت هذه الاتفاقية للمحكمة في الجلسة المحددة وقد استمع فضيلة القاضي لادعاءات الزوجين، وسألهما عن امكانية المصالحة الا أنهما أجابا أن ذلك مستحيل وأنهما يرغبان بحل الرابطة الزوجية بينهما حسبما اتفقا عليه، وفعلا اصدرت المحكمة الكريمة قراراً يقضي بحل الرابطة الزوجية بينهما بطلقة واحدة بائنة بينونة صغرى، ما لم تكن مسبوقة بطلقتين اثنتين، وقد افهمتهما المحكمة أنهما لا يحلان لبعضهما البعض الا بعقد ومهر جديدين، وأنه على الزوجة العدة الشرعية اعتبارا من يوم صدور القرار، وهكذا انتهى الملف.
إلا أن الذي حصل انه بعد خروج الزوجين المطلقين من المحكمة وبيد كل منهما قرار الطلاق، عادا معا وفي نفس السيارة الى بيت الزوجية وكأن شيئاً لم يكن، واستمرا في “حياتهما الزوجية” مدة من الزمن، وكل هذا دون علم أحد من أهلهما، بل الأدهى والأمّر من ذلك كله، أنها حملت منه، وبعد فترة من الزمن حصل بينهما خلاف ونزاع، ولما جاءت تسألني عن وضعها وما هي حقوقها، تبين لي ولها انها ليست بزوجة وفقا للمفهوم الشرعي وأن علاقتها هذه غير شرعية وأن الجنين الذي تحمله غير شرعي، وأنها بفعلتها هذه ارتكبت كبيرة من الكبائر، وانه لا حقوق شرعية لها، عند من تظن مخطئة بذلك، أنه زوجها.
ولما تكررت مثل هذه الحالات أمام محاكمنا الشرعية اصبح بعض قضاتنا اكثر حيطة وحذراً في مثل هذه المسائل، فهم اليوم لا يجرون طلاقاً بالاتفاق والتراضي الا بحضور ولي الزوجة او أي شخص من ذويها وأهلها، وبعد ان يتأكد القاضي من ان الزوجين يعيان جيدا البعد الشرعي والقانوني لهذا الاجراء وتبعاته.
اخي .. اختي … ابني .. وابنتي: إن الزواج رباط مقدس، وهو سنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد اشترط الشارع الحكيم لقيام ولصحة هذا الزواج شروطا ووضع له ضوابط، لأن ذلك يحقق مصلحة الزوجين والاولاد ويحفظ الاعراض والانساب ويحفظ الحقوق، فإن شرعنا الحنيف جاء ليحقق مصالح العباد وليدفع الضرر والأذى عنهم وليحفظ النفس والعرض، فإياكم من مخالفة شرعنا الحنيف، واياكم وتقليد غيرنا، واياكم والاحتيال على احكام ديننا تحت مسميات وذرائع واهية، او من اجل دراهم معدودة، واياكم من معصية الله ورسوله.
فاتقوا الله في انفسكم، وفي أولادكم، وفي أموالكم وأعراضكم، واسألوا اهل العلم ان كنتم لا تعلمون قبل القيام بأية خطوة قد لا تحمد عقباها فيكون فيها الخسران المبين، وعندها لا تنفع الندامة. والله ولي التوفيق

شارك عبر شبكات التواصل :

اخر الأخبار