مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان

Organization for Human Rights Meezaan

“العصافير”.. مصيدة الاحتلال للأسرى الفلسطينيين

أخبار حقوق الانسان

تنطبق عليهم كافة شروط الاعتقال، فهم يعيشون داخل اقسام شبيه لحد كبير بباقي أقسام السجون.. يتحدثون عن أنفسهم، وفترات محكومياتهم.. وعن بطولات نفذوها كانت سببها في دخولهم السجن.. لكن وبعد أن يغادر الأسير هذا المكان يكتشف أنه لم يكن بين أسرى حقيقيين، وإنما وقع في مصيدة نصبها له محققوا المخابرات الاسرائيلية من خلال زجه بين متعاونين معه يطلق عليهم فلسطينيا إسم “العصافير”.

فـ”العصافير” هم مجموعة من الأسرى الفلسطينيين، الذي تمكن الاحتلال الاسرائيلي من الايقاع بهم وإغرائهم، ليتحولوا فيما بعد إلى عملاء له، وظيفتهم تتمثل في التغرير بالاسير حديث العهد ودفعه للاعتراف بما قام به من نشاطات مقاومة ضد الاحتلال، وهو ما يسهل على جهاز المخابرات وضباطه في الوصول إلى المعلومات التي اعتقل على اساسها الفلسطيني ويسهل ادانته وجمع معلومات حول ذلك.

https://meezaan.org/images/August-2004-pg-78-Undercover-Interrogations-1.jpg

بداية الحكاية

يقول الباحث المتخصص في شؤون الأسرى، فؤاد الخفش:”منذ بداية الاحتلال للأراضي الفلسطينية تتصدى له المقاومة، وهذا دفع بالاحتلال لممارسة عمليات الاعتقال كنوع من العقاب للفلسطيني.. ومع اتساع رقعه المقاومة وتعدد اشكالها، وتشكيلها خطرا على الاحتلال أخذ يبحث عن اساليب عدة لمواجهة ما يخطط له الفلسطينيون”.

ويتابع الخفش، وهو أسير سابق في سجون الاحتلال ومدير مركز متخصص بقضايا الاسرى، :”كان الاحتلال يواجه صعوبة في انتزاع الاعتراف من المعتقلين الفلسطينيين خاصة قبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وكذلك أثناء الانتفاضة على الرغم من استخدام اساليب عدة من ضرب وشبح وحرمان من الطعام والشراب والنوم، هذا الامر دفعه لبدء تجنيد عملاء يبثهم داخل الاسرى من اجل الحصول على أية معلومة”.

وتتمثل مهمة “العصفور” أو “العميل” أو “الجاسوس”، وهي مسميات عرفت بأدبيات السجون، في عدة محاور من بينها الحديث للأسير عن اسباب اعتقاله ودوره في المقاومة وهو ما يدفع ببعض الاسرى إلى الثقفه به والحديث عن كل ما لديه، ويقوم بدوره بنقلها ضباط المخابرات والمحققين. كما يوضح الخفش.

فيما تتمثل المهمة الأخرى التي يقوم بها العصفور :”بالتأثير على نفسية الأسير من خلال قصص وحكايات تجعله ينهار نفسيا او يفقد صبره وصموده، وهو ما يعجل في الاعتراف لدى المحققين، فيما تكون المهمة الثالثة في تقديم معلومات مغلوطة لدى الاسير كالتحذير من اشخاص او وسائل معينه ليكسب ثقته وبالتالي الحديث له عما قام به من عمل ضد الاحتلال.

أشكال عدة

وتستخدم المخابرات الاسرائيلية العديد من الاشكال لإيقاع الأسير بـ”مصيدة العصافير”، وهو ما يشير إليه الباحث فؤاد الخفش، حيث يقول :”قد يترك الأسير في زنزانه صغيرة لوحده لعدة أيام، تكون محكمة الاغلاق ولا يرى النور خارجها، وبعد ذلك يتم ادخال هذا الجاسوس إليه، وهو ما يجعله بحاجة إلى من يؤنس عليه وحشته فيبدأ الحديث إليه”.

أما الشكل الآخر، هو ما يقوم به المحققون من “ارسال الأسير إلى داخل أحد الاقسام التي تشبه لحد كبير أقسام السجون العادية، ويكون جل ما فيه من أسرى هم عبارة عن جواسيس، وتحت حجج كثيرة يبلغ الجواسيس هذا الأسير انه لا بد أن يدلي بكل ما لديه من معلومات حتى يتم الوثوق به والتعاطي معه بايجابية، وهو ما يوقعه في فخ يعترف على اثره بكل ما يخفي من معلومات”.

أما الشكل الثالث من أشكال استخدام الجواسيس داخل السجون، فيوضح الخفش أنه يتمثل في “زج بعض الجواسيس داخل المعتقلين الفلسطينيين على اعتبار انه معتقل كما هم، وتكون مهمته التسمع عليهم ومعرفه ما يدور من حولهم من اخبار وإيصالها لضباط المخابرات”.

التلاعب بالنفسية

“المهمة الاساسية التي يقوم بها الجاسوس او ما يسميه الاسرى بالعصفور، هو التلاعب بنفسية الاسير، وجعله ينهار نفسيا وبالتالي الحديث كل شيء في حياته”.

ويوضح في حديث ” بالقول :”على الرغم من أن كلام الأسير أمام هذا المتعاون مع الاحتلال لا يمكن ان يقدم كدليل اما المحكمة، إلا أنه يشكل عامل ضغط عليه من قبل محققي المخابرات، وقد يكون بداية اعتراف الشخص وتحطيم معنوياته، خاصة بعد ان يعرف انه وقع في خدعه”.

ورغم كافة التحذيرات التي تطلقها فصائل المقاومة الفلسطينية، ونشرها معلومات كثيرة عن أسلوب ايقاع الأسرى في فخ المتعاونين داخل السجون، إلا ان أعدادا كبيرا من الاسرى لا تزال تقع في هذا الفخ، وهو نتيجة تجدد الاساليب التي يقوم الاحتلال بتدريبهم عليها.

وما يدلل على نسبة ما يتم ايقاعهم من خلال المتعاونين، ما صرح به لوسائل الاعلام الأسير المحرر رامز الحلبي الذي افرج عنه قبل ايام من سجون الاحتلال، حيث اوضح أنه اعد دراسة خلال وجوده بالسجن أظهرت أن 96% من الأسرى يدلون باعترافاتهم عند العصافير و4% فقط يعترفون أمام محققي “الشاباك”.

ويوضح أن الاحتلال لم يبق وسيلة قذرة إلا واستخدمها في انتزاع المعلومات من الأسرى ولكن أبشعها وأكثرها رعبًا غرف العصافير التي لا يفلت منها إلا قليل من ذوي الخبرة الواسعة في عالم الأمن.

ويقبع في سجون الاحتلال قرابة 7500 أسير فلسطيني، موزعين على مجموعة من السجون ومركز التحقيق، بينهم 287 طفلاً، و37 أسيرة.

المصدر:

شارك عبر شبكات التواصل :

اخر الأخبار