مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان

Organization for Human Rights Meezaan

العرب وقانون المواطنة والولاء القسري

أخبار مؤسسة ميزان

نظرة قانونية لتعديل قانون المواطنة من مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان

طرحت الحكومة الإسرائيلية يوم 2010/10/10، في جلسة المجلس الحكومي مشروع تعديل بند رقم 5 لقانون المواطنة من سنة 1952 ، وقد صادقت الحكومة على مشروع القرار بأغلبية 22 وزيراً واعتراض 8 وزراء .
حسب التعديل المقترح للقانون، أقرت الحكومة أن يضاف للبند 5 من القانون ما يلي: “اعتراف بالدولة كدولة يهودية وديمقراطية، والالتزام باحترام قوانين الدولة “.
סעיף 5ג לחוק האזרחות : ” לפני הענקת האזרחות יצהיר המבקש הצהרה זו ” אני מצהיר שאהיה אזרח נאמן למדינת ישראל ” .
حسب التعديل المقترح يكون التصريح الجديد : ” אני מצהיר שאהיה אזרח נאמן למדינת ישראל כמדינה יהודית ודמוקרטית , ואני מתחייב לכבד את חוקי המדינה ” .

تصريح الولاء ومعناه:

حسب القانون المقترح فإن كل إنسان غير يهودي، يجب عليه تصريح الولاء لدولة إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية. أي أن المطلوب من كل إنسان يطالب بالجنسية الإسرائيلية أن يصرح الولاء ليهودية الدولة بدلاً من التصريح كما هو متعارف عليه في معظم دول العالم، باحترام قوانين الدولة؛ والمعنى من هذا الأمر هو تصريح ولاء أيديولوجي ليهودية الدولة .
ثمة تناقض صارخ في النص “دولة اسرائيل يهودية وديمقراطية”.. فدولة يهودية خالصة، اسست على أنقاض شعب آخر، وتتجلى العنصرية حتى في تسميتها بصفتها دولة اليهود؛ كيف تكون دولة ديمقراطية يتمتع سكانها بالمساواة والعدالة؟
تصريح الولاء ليهودية الدولة ليس مجرد أمر رمزي أو شكلي كما يروج له البعض، إنما له تبعات خطيرة على كل من يطلب المواطنة ويحصل عليها، ومستقبلاً قد يقوم بعمل يمكن اعتباره من قبل السلطات عملا متعارضا مع مبدأ “يهودية الدولة” وهو ما كان قد أقسم أن يكون مخلصا له كشرط لحصوله على المواطنة؛ الامر الذي قد يعرضه للمحاسبة من قبل السلطات بل وحتى نزع مواطنته.
إن الدولة التي تفرض أيديولوجية معينة على مواطنيها، رغم وجود مواطنين ليسوا بيهود ولا يحملون الفكر اليهودي إنما تمارس التطرف فكرا وواقعا وهي أبعد ما تكون عن الديمقراطية الحقيقية المبنية على مبدأ المساواة الكاملة بين جميع المواطنين، فالرموز الدينية اليهودية مثلا، لا يمكن بأي حال أن تمثل أبناء الأقليات من غير اليهود .

خطورة القانون على الأقلية العربية

أولا، تجدر الإشارة لعدم وجود أي حاجة قانونية أو اجتماعية لسن مثل هذا القانون، وبالتالي فإن سنه لا يمكن اعتباره إلا مزيدا من الملح على جراح المجتمع العربي في الداخل، بهدف مزيد من القمع والتضييق.
صحيح أن تعديل القانون يتطرق لمن يطالب بالجنسية الإسرائيلية أي أنه لا يسري على أبناء الأقليات في البلاد والذين يملكون حق المواطنة أصلا بصفتهم سكانا أصليين، إلا أن هذا القانون هو بداية لمشروع أكبر وأوسع وأخطر ، أول بوادره تصريح وزير الخارجية ليبرمان بعد يوم واحد فقط من إقرار القانون في المجلس الحكومي، بأن كل شاب يبلغ سن 16 سنة عليه أن يصرح بالولاء للدولة اليهودية كشرط لأخذ الهوية .

حتى الجولة القادمة من تعديل هذا القانون العنصري، فإن أول المتضررين من القانون اليوم هم أبناء شعبنا الفلسطيني الذين يطالبون بلمّ الشمل مع عائلاتهم في الداخل الفلسطيني، وحسب القانون الجديد فإن من شروط لمّ الشمل اليوم هو تصريح الزوج أو الزوجة الفلسطيني بالولاء ليهودية الدولة ؟!! وفي حالة الرفض فسيكون المصير تفريق شمل العائلة الواحدة .

ومثلاً، إذا قام إنسان بالتصريح مرغما وتحت الضغط بالولاء ليهودية الدولة فما مصيره المستقبلي؟ هل عليه أن “يلزم الراحة” يوم السبت (عطلة اليهود الرسمية) وإن لم يلتزم فإنه معرض للمسائلة القانونية التي قد تصل حتى سحب الجنسية منه؟ كذلك الأمر بالنسبة لمن يريد الزواج بأجنبية حتى ولو لم تكن مسلمة، فإنه من شروط تكوين أسرة والحصول على الجنسية، أن تصرح الأجنبية ولاءها ليهودية الدولة.
من الواضح أن هذا القانون هو قانون عنصري بالدرجة الأولى والمستهدفون منه هم أبناء الأقلية العربية في البلاد وأبناء الشعب الفلسطيني الواحد، حيث أنه يتطرق إلى فكر الإنسان ومعتقده وهو سابقة من ناحية دولية في الأنظمة الديمقراطية إذ أن من المتعارف عليه أن من يطلب المواطنة يصرح أنه يعترف بالدولة و”نظامها الديمقراطي” وأن يحترم قوانينها ولا يطلب منه بأي شكل من الأشكال أن يعترف بدين هذه الدولة أو أن يواليه .

أما بخصوص فكرة وزير القضاء “نئمان” بإلزام اليهود أيضا بتصريح الولاء وبذلك يتحقق مبدا المساواة، فان هذه الفكرة ما هي إلا عملية تجميل لقانون عنصري وغير ديمقراطي بالأصل، كما أن إضافة صبغة المساواة لهذا التعديل وسريانه على اليهود القادمين الجدد ايضا، لا تعطي الشرعية لهذا التعديل حيث انه لا ضير على اليهودي القادم من الارجنتين او المجر او غيرها ان يصرح بولائه واعترافه بيهودية الدولة. أما العربي المسلم أو المسيحي ابن الشعب الفلسطيني الذي قامت هذه الدولة على أرضه بعد أن صودرت وقتل أبناؤه وهجروا ولا يزال الاضطهاد والإجحاف واقعا عليه؛ فكيف يطلب منه الولاء والاعتراف بهذه الدولة التي مارست ولا تزال تمارس كل أشكال العنصرية تجاهه.

إن هذه الخطوة لا تتوقف عند مجرد سن القانون أو أن يقسم فرد بأنه سيكون مخلصا لدولة إسرائيل اليهودية، فما يترتب على التسمية من تبعات أكبر وأخطر مما يمكن الإحاطة به وتصوره. فماذا سيمنع الدولة من حرمان السكان العرب من الحقوق الأساسية بذريعة أن الحقوق هي حقوق تفضيلية تعطى الأولوية فيها لليهود دون غيرهم؟ وماذا سيضمن أن لا يزاحوا كلية من قائمة السكان ويسلبوا كل الحقوق والميزانيات والمخصصات والخدمات، بذريعة أن الدولة اليهودية اقيمت لخدمة اليهود فقط؟

نحن بدورنا كمؤسسة قانونية نرى ان من الخطورة بمكان التوجه للمحاكم الاسرائيلية بالتماسات للتصدي وإبطال التعديل المقترح بدعوى انه غير مساو بين اليهود وغيرهم من غير اليهود، مع ان هذا لا يمنع تقديم دعاوى ضد القانون بادعاءات وتبريرات اخرى.

تجدر الإشارة إلى أن القانون المقترح يجب أن يحظى بموافقة الكنيست قبل أن يصبح ساري المفعول .

شارك عبر شبكات التواصل :

اخر الأخبار