مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان

Organization for Human Rights Meezaan

“ميزان” تختتم جولتها الدراسية في جنوب أفريقيا

أخبار مؤسسة ميزان

*المشاركون عادوا بشحنة أمل كبيرة بعد التعرف على تفاصيل النضال

*جولة شيقة وملهمة ويجب دراسة التجربة والتعلم من نجاحاتها كنموذج نضالي تاريخي يعطي الأمل بالحرية

 

من أعلى سلم أولوياتها كمؤسسة حقوقية، أن تبادر مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان (الناصرة)، إلى تنظيم دورة وجولة دراسية لمجموعة من الأكاديميين والحقوقيين والمحامين في جنوب أفريقيا حتى يستطيعوا الاستفادة من تجربة مناهضة نظام الأبارتهايد والتحرر منه.  

اختتمت مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان، مؤخرًا، جولتها الدراسية في جنوب أفريقيا بالتعاون مع مؤسسة مانديلا، والتي تقسمت على مدار 10 أيام بين مدينتي جوهانسبرغ وكيب تاون. وشارك في الجولة الدراسية مجموعة من المحامين والحقوقيين والأكاديميين من الداخل الفلسطيني.

 

جوهانسبرغ

في جوهانسبرغ- وهي أكبر مدن جنوب أفريقيا- نظمت مؤسسة ميزان جولة في “التلة الدستورية” حيث جرى التعرف على مرافق السجن السابق، وبدأت الجولة بفلم قصير عن تاريخ السجن والاستماع لروايات بعض الأسرى السابقين، كما وجرى التعرف على أقسام مخصصة تشرح عن فترة اعتقال كل من المناضل الهندي غاندي والمناضل مانديلا اللذان سُجنا في ذات السجن، في أوقات متفرقة، كذلك شملت الجولة التعرف على أحوال الأسرى وأوضاع العزل الانفرادي، والتعرف أيضًا على القسم النسائي حيث يرى الزائر الفروقات الكبيرة بين سن النساء المناضلات من أصول أفريقي، بينما كانت معاملة المناضلات البيض بطريقة مختلفة تمامًا. وفي نهاية الجولة في “التلة الدستورية”، تم الدخول إلى قاعة المحكمة الدستورية التي بُنيت على أنقاض السجن مستخدمين ذات حجارة السجن لبناء هذا الصرح الدستوري.

وجرى زيارة متحف “هيكتور بيترسون” وهو أحد الأطفال الذين قتلتهم رجال الشرطة في مجزرة سويتو عام 1976، وهي منطقة سكنية تقع في مدينة جوهانسبرغ-، هذا المتحف الذي يروي قصة انتفاضة المدارس عام 1976 والمجزرة التي ارتكبها نظام الأبارتهايد والتي أسفرت عن مقتل المئات من طلاب المدارس الذين انتفضوا من أجل نيل حقوقهم وحريتهم. وبعدها جرى زيارة منزل نيلسون مانديلا في ذات المنطقة.

وفي إطار الجولة في مدينة جوهانسبرغ، أجرت المجموعة المشاركة في الجولة الدراسية، زيارة إلى “مؤسسة مانديلا”، حيث قامت المؤسسة بتحضير ورشة عمل حول القيادة لمساعدة المجموعة على تحليل شخصية وأسلوب قيادة الرئيس والمناضل والأسير والإنسان نيلسون مانديلا للتعرف على جوانب مختلفة من شخصيته القيادية.

كما جرى عقد جلسة في فندق في جوهانسبرغ لمقابلة مختصين بالقانون وهما البروفيسور فيروز كاتشاليا والمحامي زياد باتيل. فقد تحدث فُيروز كتشاليا، وهو محاضر في جامعة فيتواتيرسراند Witwatersrand في مدينة جوهانسبرغ ومختص بالقانون والمرجعية القانونية ولديه تاريخ طويل بالنضال والقانون والسياسة ومعتقل سياسي سابق إذ اعتقل عندما كان طالبًا في الجامعة عام 1978، وتحدث عن النظام القانوني والخاص وعمل مقارنات بين القضاء الإسرائيلي والقضاء في جنوب أفريقيا. أما زياد باتيل فهو محامي خاص يعمل بالتعاون مع أحزاب سياسية لسن قانون لتجريم ومعاقبة أي مواطن جنوب أفريقي انخرط في الجيش الإسرائيلي أو شارك في أي من حروبه.

كذلك، التقت المجموعة المشاركة في الجولة الدراسية مع مجموعة من النشطاء في مناصرة القضية الفلسطينية منهم مدير مدرسة لانيزيا في جوهانسبرغ، الأستاذ ناظم آدم، وعضو البرلمان السابق الشيخ إسماعيل فادي، والناشط رشيد سيدات، بالإضافة إلى نشطاء آخرين ناضلوا في صفوف أحزاب وحركات ونقابات عمالية مختلفة في أثناء حكم الأبارتهايد.

 

كيب تاون

أما في مدينة كيب تاون- وهي تبعد عن مدينة جوهانسبرغ مسافة تقدر بـ 1272كم- زارت المجموعة الدراسية السجن المبني على جزيرة “روبن” في المحيط الأطلسي التي تبعد سبعة كيلومترات عن سواحل كيب تاون، وتشتهر الجزيرة بأنها كانت مكان احتجاز الشخصيات السياسية الشهيرة في تاريخ جنوب أفريقيا، وهي الجزيرة التي تم نفي إليها نيلسون مانديلا وأحمد كاثرادا ووالتر سيسولو وباقي قيادات الحراك الوطني. والجدير ذكره أن من قاد الجولة وقدم الشروحات للزائرين هو سجين سابق قضى 7 أعوام في السجن على الجزيرة.

تخلل البرنامج أيضًا زيارة لجامعة كيب تاون، حيث جرى التعرف على نضال مجموعات طلابية ضد الاستعمار تحت شعار “جيب أن يسقط روودز” وهو تمثال لأحد أكثر المستعمرين قساوة وعنصرية. كما جرى زيارة حي (رقم 6) والذي تم تهجيره بالكامل في حقبة الأبارتهايد إلا أن الحكومة الحالية حاولت إعادة بناء بعض البيوت وإعادتها لأصحابها.

وفي إطار الجولة في مدينة كيب تاون، قابلت المجموعة الدراسية المشاركة، السيدة ياسمين سوكا التي شغلت منصب المدير العام لمؤسسة حقوق الإنسان، كما عملت السيدة سوكا في لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا من 1996-2001 وترأست اللجنة المسؤولة عن التقرير النهائي من 2001-2003. وعينتها الأمم المتحدة للعمل في لجنة الحقيقة والمصالحة في سيراليون من 2002 إلى 2004. هذا وقد اختتمت الجولة الدراسية في جنوب أفريقيا بلقاء مع القاضي سراج ديساي المتقاعد من منصب القاضي بعد أن ترأس المحكمة العليا في محافظة الكيب الغربي. ويشغل القاضي في هذه الأيام منصب المستشار القضائي لدولة جنوب أفريقيا.

 

اهتمام إعلامي

لاقت الجولة الدراسية التي نظمتها “ميزان” في جنوب أفريقيا اهتمامًا إعلاميًا ملحوظًا من عدة وسائل إعلام جنوب أفريقية، فنيابة عن المجموعة، استضيف المحامي د. درغام سيف في لقاء إعلامي في كل من راديو “السلام” وتلفزيون “الهلال” للحديث عن زيارة المجموعة المشاركة في الجولة الدراسية في جنوب أفريقيا وعن الأوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال وعن القانون الدولي وأبعاده على قضية فلسطين، هذا كله إلى جانب ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي في صفحات المؤسسات والشخصيات الناشطة التي التقت بهم المجموعة الدراسية في جنوب أفريقيا.

 

 جولة من عدة مشاريع تدريبية ودراسية

مدير مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان، المحامي عمر خمايسي أكّد بدوره أن “الجولة الدراسية في جنوب أفريقيا تُعد دائرة من الدوائر الكثيرة والمختلفة التي تعمل بها “ميزان”، وهي دائرة المعرفة والتثقيف التي تنبثق عنها مشاريع دورات التدريبية والدراسية، بدأناها في الأمم المتحدة وجنيف ومن ثم محكمة الجنايات الدولية في لاهاي واختتمنا مؤخرًا الدورة والجولة الدراسية عن نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا بهدف الفهم الأعمق فيما يتعلق بنظام الأبارتهايد وكيفية تعامل الأطراف مع التفرقة والقوانيين العنصرية التي كانت، وخصوصًا بعد الإشارة الواضحة للمؤسسات الدولية عن حقوق الإنسان إلى أن النظام الإسرائيلي يشابه جدًا نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا.

وأضاف: كان لنا مهم جدا كمؤسسة حقوقية أن نقوم بهذه الدورة والجولة الدراسية لمجموعة من الأكاديميين والحقوقيين والمحامين الذين يستطيعون أن يستفيدوا من هذه التجربة عن عمق، لذا كان هناك لقاءات مباشرة مع الشخصيات التي كان لها دور في عملية التعامل مع الأبارتهايد والتغلب على العنصرية ومعرفة كيف تم انتزاع الحقوق من النظام البائد.

 

 المشاركون عادوا بشحنة أمل كبيرة

عبدالله غريفات، ناشط ومنسق علاقات دولية قال: قضيت ما يقارب 10 أعوام في جنوب أفريقيا تعرفت خلال ذلك على أدق التفاصيل المتعلقة بالأبارتهايد، والمرحلة الانتقالية للديمقراطية، ومرحلة ما بعد الديمقراطية. هي ثلاث مراحل رئيسية تلخص النضال الجنوب أفريقي الذي يجب باعتقادي على كل فلسطيني فهمه واستخلاص العبر من إنجازاته وإخفاقاته. وعليه، قمت بالتعاون مع مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان ببناء برنامج يعتمد بشكل رئيسي على الدراسة الميدانية من خلال زيارة مواقع مهمة وحوارات مباشرة مع شخصيات عايشت جميع مراحل النضال الجنوب أفريقي.

وتابع غريفات: أثبتت رحلتنا وحواراتنا مع النشطاء الجنوب أفارقة أن نضالهم ما زال مستمرًا ولم ينتهِ بتحصيل الحقوق السياسية وحسب، فما زال أمامهم مشوار مهم من النضال لتحصيل الكثير من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. لكن وفي ذات الوقت، عاد المشاركون بشحنة أمل كبيرة بعد التعرف على تفاصيل النضال، خاصة الدور الشعبي ودور المجتمع المدني الذي ساهم بشكل مباشر بقلب موازين القوى لتحقيق الحرية وبناء نظام ديمقراطي جديد.

 

تجربة شديدة التقارب والتشابه مع الحالة الفلسطينية

المحامي د. درغام سيف المختص بالقانون الدولي أحد المشاركين في الجولة الدراسية في جنوب أفريقيا قال: لا يسعني إلا أن أقول إنها رحلة ناجحة بمعنى الكلمة، فعلى الصعيد الشخصي زرت الكثير من البلدان وشاركت في الكثير من الدورات والمؤتمرات والندوات، غير أن هذه الرحلة الدراسية إلى جنوب أفريقيا كانت من أفضل الرحلات والدورات التي شاركت فيها على المستوى العلمي والمعرفي والمستوى التطبيقي، فكل الشكر لمؤسسة ميزان على هذا البرنامج التعليمي، لأنه فعلًا يعتبر برنامج خاص ومميز، وأتأمل أن يتم العمل على مأسسة هذا البرنامج وتنفيذه بشكل سنوي حتى يعرف أبناء شعبنا الفلسطيني على تجربة الجنوب أفريقية شديدة التقارب والتشابه في تفاصيل كثيرة مع الحالة الفلسطينية، التي كان أهم ما في هذه الجولة وما وراء المعرفة والعلم والدراية هو الأمل، أي أنها تعطي الأمل بالحرية لكل شعب موجود تحت الاضطهاد وفي يوم من الأيام لا بد أن ينتصر.

 

دراسة الحالة مهمة للتنظيم الشعبي

محمد زيدان، صحفي وناشط والمدير السابق للمؤسسة العربية لحقوق الإنسان قال: لم توفر هذه الجولة فرصة للتعرف ليس على تاريخ البلاد وتجربتها النضالية ضد الأبرتهايد فحسب، بل بالتعرف على التحديات الاقتصادية والاجتماعية لتجاوز آثار مرحلة الأبرتهايد في مرحلة ما بعد الأبرتهايد والحاضر. أما بالنسبة لنا كفلسطينيين، فإن دراسة الحالة الجنوب أفريقية، تعتبر واحدة من أدوات العمل التي يجب دراستها ليس للتعلم من نجاحاتها كنموذج نضالي تاريخي وهام بالقرن الماضي فقط، بل للتعرف على جوانب في التنظيم الشعبي، وعلاقة التنظيمات بالشعب في مختلف مراحل النضال.

 

 

شارك عبر شبكات التواصل :

اخر الأخبار