والد الشهيد خير حمدان يروي قصة إعدام ولده أمام جمعيات حقوقية عالمية
الوفد يطرح قضايا العنف الشرطي ضد المواطنين العرب في الداخل الفلسطيني
الشيخ رائد صلاح ورغم منعه من السفر، يخاطب المجتمع الدولي عبر كلمة مسجلة في فيلم خاص بالشهيد خير الدين
شارك الاربعاء 18.3.2015 وفد من الداخل الفلسطيني في مؤتمر لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بسويسرا، حيث كرس المؤتمر لمناقشة العنف والاعتداءات ضد الأقليات العرقية داخل الدول المختلفة. ويضم الوفد محامين من مؤسسة ميزان لحقوق الانسان – الناصرة الممثل بالمحامين فراس دلاشة – رئيس المؤسسة – والمحامي مصطفى سهيل – مدير المؤسسة والمحامي عمر خمايسي، والمحامي احمد امارة، ومركز عدالة الممثل بالأستاذ صلاح محسن والناشطة الحقوقية ناديا يوسف، ووالد الشهيد خير الدين حمدان وعم الشهيد السيد رافع امارة من كفر كنا.
وكان الوفد قد شارك صباح الاربعاء في مؤتمر خلال الدورة الخاصة بمجلس حقوق الانسان نظمته “الحركة العالمية الناشئة لوقف الاعتداءات والعنف البوليسي والشرطي ضد الاقليات” تحت عنوان: “من الجليل الى فيرغسون”، حيث تضم هذه الحركة ائتلافاً لمحامين وناشطين ومدافعين عن حقوق الانسان من الداخل الفلسطيني والولايات المتحدة الامريكية ومنظمات دولية أخرى. وتم خلال المؤتمر مناقشة موضوع تحت عنوان: “منع ومعالجة العنف وفظاعة الجرائم التي تستهدف الأقليات”، حيث تم في المقام الأول تسليط الضوء على الدروس المستفادة لممثلي عائلات فلسطينية قتل احد ابنائها خلال هبة القدس والأقصى عام 2000 مقابل عائلات لمواطنين امريكيين سود البشرة قتلوا بيد شرطيين امريكان من البيض.
وقد اعتمد النقاش في المؤتمر بهذا الخصوص على الاستماع لشهادة والد الشهيد خير الدين حمدان الذي قتل على يد أفراد من قوات الشرطة الاسرائيلية يوم 8 تشرين ثان 2014. كما قدمت الناشطة الامريكية من مدينة “فرغسون” الامريكية “اشلي ياتيس” مداخلة، وهي من حركة “العدالة العرقية الامريكية” التي تشكلت بعد مقتل الشاب الامريكي الاسود “مايكل براون” على يد الشرطة الامريكية مؤخراً، وذلك في اعقاب فشل آليات المساءلة والقضاء والعدالة المختلفة.
ويقوم المشاركون في هذا البرنامج بتوفير وتعزيز أطر وسبل عالمية لتقييد استعمال القوة المفرطة والعنف من قبل قوات الأمن المختلفة ومواجهة التمييز وعدم المساواة والعنصرية التي تنتهك يومياً بحق الأقليات العرقية والأصلانية والمجتمعات الضعيفة والمهمشة.
وجاء هذا النشاط للمؤسسات الحقوقية من الداخل الفلسطيني بعد زيادة عدد الجرائم الشرطية والإعدامات الميدانية والاعتداءات التي تنفذها وحدات الشرطة والأمن الاسرائيلي بحق المواطنين الفلسطينيين، ولا يتم محاسبة المسؤولين ومنفذي هذه الجرائم والاعتداءات، وفي غالبية الحالات يتم اغلاق هذه الملفات من قبل وحدة “ماحش” – الوحدة الخاصة بالتحقيق مع افراد الشرطة – وتبرئة الشرطيين المتورطين بهذه الاعتداءات. حيث قامت لجنة الحريات والمعتقلين والشهداء والجرحى المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، في أعقاب الجرائم الأخيرة التي راح ضحيتها الشهيد خير الدين حمدان من كفر كنا والشهيدان سامي الجعار وسامي الزيادنة من مدينة رهط، بتوكيل المؤسسات الحقوقية من بينها مؤسسة ميزان لحقوق الانسان ومركز عدالة، بعدة مهام من اجل متابعة جمع البينات والأدلة للتحقيق الجنائي في استشهاد هؤلاء الشبان ولملاحقة افراد الشرطة وتقديم شكوى لوحدة التحقيق مع افراد الشرطة وتقديم شكوى دولية للمقرر الخاص للقتل خارج القانون في الامم المتحدة باسم عائلة الشهيد خير حمدان وتقديم شكوى للمقرر الخاص للأقليات في مجلس حقوق الانسان، ومتابعة شؤون المعتقلين في اعقاب المظاهرات التي خرجت احتجاجاً على مقتل الشهداء الثلاثة.
وقد عقدت المؤسسات الحقوقية، ميزان وعدالة، بعد ذلك عدة جلسات وباشرت بتنفيذ الخطوات وهي اليوم تشارك في مؤتمر دولي في جنيف حول العنف الشرطي بشكل عام ضد المواطنين العرب في الداخل الفلسطيني، حيث تم العمل والتجهيز لهذا المؤتمر منذ فترة شهرين وبجهود كبيرة وبالشراكة مع جمعيات حقوقية دولية ومحلية.
وقد سرد والد الشهيد خير الدين حمدان خلال كلمته في المؤتمر المذكور في الأمم المتحدة تفاصيل استشهاد ابنه وكيف تم اعدامه ميدانياً دون وجه حق. كما تحدث عن وضع العائلة اليوم المأساوي بفقدان ابنه، والذي كان عنده أحلام كثيرة، كأي شاب في مقتبل العمر.
وفي كلمته تحدث مدير مؤسسة ميزان المحامي مصطفى سهيل فقال: “أن حالة قتل الشهيد خير الدين حمدان بيد شرطي ليست بحالة نادرة او عابرة، بل إن متابعة ما جرى خلال النصف الاخير من عام 2014 وبداية العام 2015 يدل على أن هناك ظاهرة عنف شرطي ممنهج وخطير، ولعل أخطر ما في الأمر انه من بين مئات حالات الاعتداء الشرطي على المواطنين والتي تم رصدها، برزت بشكل واضح ظاهرتان شديدتا الخطورة، الظاهرة الاولى تتمثل في القتل الميداني، في الشارع او في البيت او في الاماكن العامة، مثل حالة قتل خير حمدان، والظاهرة الثانية والتي لا تقل خطورة هي ظاهرة مقتل معتقلين او محتجزين على ذمة التحقيق داخل محطات الشرطة او في غرف المعتقلات، وادعاء الشرطة الاسرائيلية دائما ان هؤلاء جميعهم قد انتحروا، في الوقت الذي تشير كل الدلائل أن موتهم لم يكن نتيجة انتحار، بل نتيجة تعرضهم للعنف داخل مكان احتجازهم”.
كما تحدث الاستاذ صلاح محسن من مركز عدالة حول الشكاوى التي تقدم لوحدة التحقيق مع أفراد الشرطة، بهدف التحقيق في الاعتداءات الموجهة ضد الفلسطينيين، وفي غالبية الحالات يتم إغلاق هذه الملفات بحجج كثيرة واهية، وركز على التجربة المريرة للداخل الفلسطيني خلال هبة القدس والاقصى وكيف ساوت لجنة التحقيق بين الجلاد والضحية.
وفي النهاية قدم المحامي احمد امارة تلخيصاً للمؤتمر والخطوات الاستمرارية اللاحقة والنشاطات والفعاليات المزمع عقدها لمواصلة أعمال النضال بهدف إظهار الحقيقة.
فيلم: الإعدام الميداني
هذا وتم عرض فيلم وثائقي خلال المؤتمر حمل اسم (الإعدام الميداني) من انتاج مؤسسة الاندلس للفن والأدب، تحدث فيه الشيخ رائد صلاح – رئيس لجنة الحريات والمعتقلين والاسرى المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، الممنوع من السفر لخارج البلاد بأمر من وزير الداخلية. حيث قال الشيخ في كلمته: “انه من السخرية التوجه للقضاء الاسرائيلي بهدف إنصافنا وأن يحاكم افراد الشرطة الذين يلبسون البزة الرسمية الذين يمثلون هذه المؤسسة الرسمية، لان تجربتنا السابقة مع القضاء الاسرائيلي علمتنا انه لم يجرم أي شخص واحد في السابق ولم ينصف أي شهيد تم قتله على يد شرطي”.
الفيلم الوثائقي يتحدث عن جريمة الإعدام الميداني التي تعرض لها الشهيد خير الدين حمدان (21 عاما) من بلدة كفر كنا، على يد أفراد الشرطة الإسرائيلية يوم 8-11-2015، ويمثل الحادث جزءا من سلسلة حوادث مشابهة راح ضحيتها عشرات الأبرياء من الشبان العرب في الداخل الفلسطيني، وكان خير الدين هو الشهيد رقم 48 منذ انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000 التي سقط فيها 13 شهيدا.
يكشف الفيلم ملابسات ارتكاب الجريمة، وما تبعها من ردة فعل غاضبة من الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني، والتي أبدت رفضها لكل أشكال العنصرية الممنهجة التي تمارسها السلطات الإسرائيلية منذ عشرات السنين ضد العرب، وذلك عبر موقف تضامني موحد مع عائلة الشهيد خير الدين وبلدة كفر كنا.
لقد بينت تداعيات الجريمة أن اغتيال حلم شاب واحد وقطف زهرة شبابه، قد يجعل من جميع الشباب قنابل موقوتة لن يستطيع أحد أن يتنبأ عن موعد انفجارها.