نفذ فلسطينيو الداخل خلال شهر تموز وآب عددا من الخطوات الاحتجاجية لإسقاط مخطط برافر الإسرائيلي الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي، كان من بينها مظاهرة قطرية أمام مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية في القدس ثم كانت مظاهرة قطرية أخرى أمام المكاتب الحكومية في مدينة بئر السبع، ثم توجت هذه المظاهرات بإعلان الإضراب العام في الوسط العربي يوم 15.7.2013 تم خلاله كذلك تنفيذ عشرات التظاهرات على مفارق الطرق المختلفة امتدت من النقب الى المثلث الى الجليل الى المدن الساحلية، رفع خلالها المتظاهرون الشعارات المناوئة والرافضة لمخطط برافر. وخلال هذه الظاهرات اعتدت قوات الأمن الإسرائيلية على عشرات المتظاهرات بالضرب بالهراوات والغاز المسيل للدموع، إضافة الى اعتقال العشرات من الشبان الفلسطينيين المتظاهرين، حيث أطلق سراحهم جميعا بعد أيام من الاعتقال وتمديد الاعتقال، فيما قدمت النيابة الإسرائيلية بحق عدد منهم لوائح اتهام تتهمهم فيها بالاخلال بالنظام العام والاعتداء على افراد الشرطة وتعطيل حركة السير وغيرها من التهم.
وقد شارك محامو مؤسسة ميزان لحقوق الانسان – الناصرة، بالإضافة إلى عدد من المحامين من مؤسسات حقوقية اخرى، في الدفاع عن المعتقلين في كافة الميادين التي اعتقلوا فيها، حيث شارك بداية المحامي صابر ابو جامع – محامي مؤسسة ميزان – فرع النقب في الدفاع عن المعتقلين الثلاثة عشر الذين اعتقلوا يوم 15.7.2013 حتى تم الافراج عنهم جميعاً يوم 18.7.2013 اثر الاستئناف الذي قدم الى المحكمة المركزية ضد استمرار اعتقالهم من قبل محكمة الصلح في بئر السبع.
كما شارك محامو ميزان حسان طباجة وعمر خمايسي في الدفاع عن معتقلين من قرية كفر كنا اعتقلوا في اعقاب تظاهرة رفع شعارات جرت يوم 27.7.2013 حيث أطلقت محكمة الصلح في الناصرة عصر اليوم التالي الأحد 28.7.2013 سراح ثلاثة شبان منهم. فيما مددت المحكمة اعتقال اثنين اخرين حتى يوم الأربعاء 31.7.2013، بعد أن كانت الشرطة طلبت تمديد اعتقال الخمسة لخمسة عشر يوما، حيث رفضت المحكمة هذا الطلب. وقد أطلقت الشرطة صباح نفس يوم الاربعاء سراح الشاب مجد دهامشة بعد ان انتهت مدة التمديد التي فرضتها محكمة الصلح في الناصرة بأربعة أيام، حيث تم اطلاق سراحه دون عرضه على المحكمة لعدم وجود أدلة ضده. فيما بقي شاب خامس وهو محمد طه رهن الاعتقال وتم تمديد اعتقاله عدة مرات ما زال معتقلا حتى ساعة كتابة هذا التقرير.
كما تجنّد محامو مؤسسة ميزان المحامي عمر خمايسي والمحامي محمد سليمان اغبارية والمحامي المتدرب احمد دهامشة يوم الجمعة 2.8.2013 للدفاع عن الشبان الاحد عشر المعتقلين من منطقة وادي عارة والذين اعتقلوا منذ مساء الخميس 1.8.2013 خلال وبعد المظاهرة الاحتجاجية التي جرت على مفرق عارة –عرعرة احتجاجا على مخطط برافر لمصادرة اراضي النقب وتهجير اهلها العرب، حيث نسبت الشرطة للمعتقلين تهم الاعتداء على افراد الشرطة وعرقلة عملها والمشاركة في تظاهرة غير قانونية والاخلال بالنظام العام.
وكانت محكمة الصلح في حيفا قررت اطلاق سراحهم جميعا واعطت مهلة زمنية للشرطة للاستئناف على القرار حتى الساعة الثالثة من عصر نفس اليوم 2.8.2013، بعد ان طلبت منها الشرطة ذلك، حيث قدمت الشرطة استئنافا للمحكمة المركزية ضد قرار الصلح اطلاق سراح جميع المعتقلين الاحد عشر للحبس المنزلي. الا ان المركزية رفضت الاستئناف واعطت قرارا بالإفراج واخلاء سبيل جميع المعتقلين.
مخطط برافر: مصادرة 800 ألف دونم وتهجير 40 ألفا من أهل النقب الفلسطينيين
يذكر أن الكنيست الاسرائيلي كان قد أقر يوم الاثنين الموافق 25.6.2013 قانوناً عنصرياً جديدا بالقراءة الاولى، وهو قانون برافر التهجيري لمصادرة اراضي العرب في النقب وترحيلهم، حيث صوّت لصالح اقتراح القانون 43 عضو كنيست مقابل 40 عضواً عارضوا المشروع.
ومشروع القانون هذا يحمل في طياته الكثير من المعاناة للفلسطينيين في النقب وهو مجحف بحقهم، ولا يصادر فقط أرضهم وبيوتهم، بل يصادر حريتهم في العيش الكريم. كما ان الحكومة الاسرائيلية بهذا المشروع تثبت وبأذرعها المختلفة أنها تعمل بخطى حثيثة على احداث نكبة ثانية لأهل النقب، عدا عن أنها تتعمد إهمالهم ومنذ عشرات السنين وتمتنع عن تقديم الخدمات الأساسية والبنى التحتية اللازمة للعيش بأدنى مقومات الحياة في بيوتهم بأمان واطمئنان.
إن مخطط برافر هو إعادة لنكبة عام 1948، ففي حينه جمعت المؤسسة الإسرائيلية سكان القرى البدوية في منطقة عسكرية محاصرة تسمى تل الملح وتم فك الحصار عنهم وإخراجهم للبلدات السبع الموجودة حالياً وفقاً للمعاهدة مع مصر في سنوات السبعين. وقانون برافر اليوم يؤول إلى إعادة نفس السيناريو لتجميع القرى البدوية المنتشرة إلى الشرق من خط 40 والذي يمتد من مدينة بئر السبع حتى مدينة رهط.
ويحمل القانون في طياته تهجير اكثر من 40 ألفا من سكان النقب العرب ويصادر أكثر من 800 ألف دونم، وأيضا يتضمن اقتراح القانون بنوداً تجبر السكان وبالقوة على مغادرة اراضيهم. ويعني تنفيذ هذا المخطط مصادرة 90 في المائة مما تبقى من أراض بأيدي فلسطينيي النقب. كما وينص القانون على تحديد وتقليص المنطقة التي سيتم منح الفلسطينيين البدو “أراض بديلة” ممن تعترف سلطات الاحتلال ملكيتهم للأرض، وتقليص مدة تنفيذ المخطط من خمس سنوات إلى ثلاث سنوات.
ويهدف القانون كذلك إلى تفكيك المجتمع الفلسطيني البدوي ووضع أكبر عدد منهم بأقل مساحة على الأرض، من خلال حشرهم في “جيتوات” صغيرة، واجبارهم على الذوبان في المجتمع الإسرائيلي، من خلال فرض نظام حياتي لم يختاروه لأنفسهم بعيدا عن أعمالهم المعتادة، ومصادرة معظم أراضيهم.
ويعد مخطط “برافر” أخطر مخطط يمرّ على النقب منذ عام النكبة، حيث أن مساحة النقب 12 مليون دونم، وقد صادرت المؤسسة الاسرائيلية إبان النكبة 11 مليون منها، بينما تبقى للعرب أكثر من 800 ألف دونم فيها 46 قرية ومجمع سكني في ظروف مأساوية، تسعى المؤسسة الاسرائيلية الى مصادرة هذه المساحات وهدم القرى والاجهاز عليها.
أن المؤسسة الاسرائيلية تلاحق أهل النقب وتصادر أراضيهم وتهدم بيوتهم وتحرق مزروعاتهم، و”برافر” هو المخطط التتويجي لهذه المضايقات والملاحقات السلطوية عبر الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة.