وجّهت بتسيلم، الإثنين، 3.10.22، رسالة إلى المدّعي العام في محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي طالبته فيها بالتدخّل العاجل لكي يوضح لإسرائيل أنّ عليها التوقّف عن مساعي تهجير سكّان التجمّعات الفلسطينيّة في تلال جنوب الخليل من منازلهم وأراضيهم.
مساعي التهجير الإسرائيليّة هذه مستمرّة منذ عقود، لكنّ نطاقها وخطورتها شهدا تصاعدًا في الآونة الأخيرة كما تسارعت وتيرتها، وذلك في أعقاب القرار الذي أصدرته المحكمة العليا في أيّار الماضي وجاء مخالفًا لأحكام القانون الدوليّ ومبادئ أخلاقيّة أساسيّة، إذ قضت المحكمة بأنّه لا يحقّ للأهالي السّكن هناك وبالتالي ليس ثمة مانع قانوني يحول دون طردهم من منازلهم. لقد حوّلت سياسات إسرائيل حياة السكّان هناك إلى كابوس مستمر بشكل يوميّ حيث يهدّد الجنود والمستوطنون أجسادهم وممتلكاتهم وحيث يعانون أضرار الضجّة والتلوّث وتتعرّض بُناهم التحتيّة للأذى اليومي وتُنتهك حُرماتهم ويُسلبون طمأنينة اليقين بشأن مستقبلهم هناك. إضافة إلى ذلك، أجرى الجيش هناك مؤخّرًا عمليّات يعرضها وكأنّها تدريبات عسكريّة، تضمّنت استخدام الذخيرة الحيّة وتنقّل مركبات عسكريّة – بما في ذلك الدبّابات – عبر التجمّعات الفلسطينيّة وفي محيطها. وكأنّ هذا كله لم يكن كافيًا، فقد صعّدت إسرائيل مساعيها لعزْل سكّان التجمّعات الصغيرة عن مُحيطها ونصَب جيشُها الحواجز وصادر مركبات وآليّات وصعّب على الناشطين والصحفيّين والدبلوماسيّين الدّخول إلى المنطقة.
أرفقت “بتسيلم” برسالتها مُلحقًا يتضمّن عشرات الأحداث التي جرت يوميًّا في هذه المنطقة منذ حزيران 2022، إذ تبيّن هذه الأحداث واقع الحياة التي لا تُطاق التي يعانيها السكّان الفلسطينيّون تحت وطأة العُنف الذي تمارسه إسرائيل. كذلك أوضحت “بتسيلم” في رسالتها أنّ إسرائيل تمتنع فعلاً، منذ العام 1999، عن تنفيذ تهجير مباشر للسكان، إلّا أنّها عوضًا عن ذلك تفرض عليهم، بصورة مخططة ومتعمدة، ظروفًا حياتية غير محتملة كي تدفع نحو تهجيرهم بشكل غير مباشر. ربّما يموّه هذا التكتيك غير المباشر مقاصد إسرائيل الرّامية إلى ارتكاب جريمة حرب، لكن يظلّ الهدف هو التهجير والجريمة حاصلة، وهذا لا يحتمل الخطأ.
في رسالتها، ناشدت “بتسيلم” المدّعي العام كريم خان لاعتماد “التدخّل الوقائيّ” وتحذير إسرائيل من أنّها ترتكب جريمة حرب في مسافر يطا، ممارساتها هذه تشكّل جريمة حرب. بخصوص مسافر يطّا، إذ أن تهجير السكان القسري من منطقة محتلة يشكل انتهاكاً للبند 8(2)(a)( (viiمن اتفاقيّة روما. كما أوضحت رسالة “بتسيلم” أنّ إسرائيل تطبق هذه السّياسة منذ عشرات السّنين حقًا، إلّا أنّ قائمة من يتحمّلون المسؤوليّة عن السّياسات الإجراميّة المطبّقة اليوم في تلال جنوب الخليل تشمل مسؤولين في أعلى المراتب، بمن فيهم رئيس الحكومة ووزير الأمن وقائد أركان الجيش وقائد المنطقة الوسطى ورئيس الإدارة المدنيّة إضافة إلى قضاة المحكمة العليا الذين أضفوا الشرعيّة القضائية على هذه السّياسة.
وجاء في رسالة “بتسيلم”، بتوقيع مديرها العام حجاي إلعاد، إن سياسة نظام الأبارتهايد الإسرائيليّ “ترمي إلى فرض ظروف معيشية متدنية ومهينة على نحو ألف من سكّان تلال جنوب الخليل وتنغيص حياتهم بشتى الطرق بغية إرغامهم على مغادرة منازلهم وأراضيهم ثم الاستيلاء على المنطقة”. وأضاف إلعاد: “إنني أطلب منك التدخّل العاجل في هذه الحالة، لكي تُتاح لهؤلاء السكّان إمكانية العيش الكريم والأمن الضروريّ وطمأنينة اليقين بشأن مستقبلهم. في الماضي، حين سعت إسرائيل إلى تهجير تجمّع خان الأحمر، شرق القدس، من أراضيه، نجح تدخل مماثل من مكتب المدّعي العام (في تشرين الأول 2018) في منعها”.