مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان

Organization for Human Rights Meezaan

 المقدّسات الإسلامية والمسيحيّة بطبرية: إهمال وطمس يسبقان التهويد

أخبار مؤسسة ميزان

عكس إعلان بلدية طبرية نيتها الشروع بمخطط لإقامة متحف داخل مسجد البحر، حالة التهميش والإهمال التي تعاني منها المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة منذ النكبة، إذ مهّدت سياسة حجب المقدسات عن أهلها وعدم ترميمها لوضع اليد عليها من قبل السلطات الإسرائيلية وتحويلها لكنس ومقامات للحاخامات أو حتى تحويلها لمحال تجارية، ومطاعم ومقاهي.

وأجبر الضغط والحراك الذي مارسته لجنة المتابعة وبعض النواب العرب ورؤساء سلطات محلية عربية في المنطقة، رئيس بلدية طبرية، رون كوبي، على التراجع في هذه المرحلة عن مواصلة أعمال التنظيف في المسجد ومحيطه وتجميد مخطط المتحف، إلا أنّه يزعم أن هذا المبنى “ليس مسجدًا وهو ضمن ملكية بلدية طبرية منذ العام 1952″، ويصرّ على تحويله إلى متحف.

وصمد ما تبقى من مقدّسات في طبرية شأن باقي المقدسات في فلسطين التاريخية، لكنها، في الأعوام الأخيرة، تواجه كما الأراضي الوقفية والعقارات مخططات البيع بالمزاد العلني أو التأجير، فقامت محال تجارية وترفيهية وسياحية على أطلالها وأنقاضها.

 

طمس وتدمير

ودأبت المؤسسة الإسرائيلية، منذ النكبة، على طمس وتدمير ومصادرة كل ما طالت أذرعها من أراض وقفية، ومقابر، ومساجد، وكنائس، ومقامات، وبشكل ممنهج انتهجت أسلوبا لتحول المقدسات وتهويدها وتغير الأهداف التي قامت من أجله، بهدف طمس وتدمير جميع المعالم والشواهد التي ترسخ الهوية العربية والإسلامية لطبرية.

وضمت المدينة، التي تخطّى عدد سكانها عشيّة النكبة 11 ألف نسمة، العديد من المقدسات والمعالم العربية، هي مسجدان وعشر مقامات، وثلاث كنائس، وأربع مقابر، 3 مقابر إسلامية ومقبرتان مسيحيّتان، إلى جانب العقارات ومسطحات الأراضي الوقفية. وخلال النكبة، هجّرت العصابات الصهيّونيّة الفلسطينيين من طبرية ودمرتها، ووضعت السلطات الإسرائيليّة، بعد النكبة، اليد على العقارات والمقدسات الإسلامية، فيما صادرت وحاصرت غالبية العقارات والمقدسات المسيحية.

 

 قرصنة وسلب

وقال مدير مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان، المحامي عمر خمايسة، إن المقدسات في طبرية شأنها كشأن غالبية المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقرى والمدن الفلسطينية تعرضت للقرصنة والسلب بعد النكبة، إذ وضعت المؤسسة الإسرائيلية اليد عليها بالعام 1950 بموجب ما يسمى قانون “أملاك الغائبين”، كما وضعت اليد على جميع الأوقاف التي كانت تحت صلاحية وسيطرة المجلس الإسلامي الأعلى بزعم أنه لا يوجد أي وجود للمجلس، وحولت جميع الأراضي والعقارات الوقفية والمباني وحتى المساجد والمقامات إلى ما يسمى “دائرة أراضي إسرائيل”.

وعلى الرغم من ماكينة الطمس والتدمير من جهة وماكينة التهويد للمقدسات، إلا أن خمايسة يقول لـ”عرب 48″: “بقي العديد من المقدسات المسيحية والإسلامية من كنائس ومساجد ومقابر تدل على هوية وعروبة المدينة، وفي هذه المرحلة تسعى البلدية لهدم وطمس هذه المقدسات، فمسجد البحر، كما مسجد السوق والكنائس، تبقى شاهدًا على الهوية الحقيقة للمدينة، حتى لو تمّت مصادرة الأرض والعقارات، فهذا لم ولن ينف الصفة الوقفية، ولا بد أن تعود لأصحابها الأصليين لرعايتها وترميمها واستعمالها”.

وبيّن خمايسة أن بلدية طبرية تعمّدت إغلاق المقدسات والمساجد والمقابر أمام العرب ومنعت إقامة الصلوات بالمسجدين وكانت تلاحق قضائيا كل من يحاول القيام بأعمال الصيانة والترميم، مثلما حصل مع “مؤسسة الأقصى”، التي رفضت طلباتها لصيانة المقابر والمساجد والمقبرة المسيحية ولوحق أعضاء الجمعية والمتطوعون قضائيا بهدف إبعاد العرب عن المقدسات وتركها لتكون عرضة للسقوط والانهيار، ومن ثم وضع اليد عليها واستخدامها للأهداف التهويدية والإسرائيلية.

 

إنقاذ ورعاية

وأكد خمايسة ضرورة الحفاظ على ما تبقى من مقدسات عربية وإسلامية بكل فلسطين التاريخية وخاصة في المدن الكبرى، لافتا إلى أن المؤسسة الإسرائيلية تقوم، في هذه المرحلة، بمحاولة تنفيذ مشاريع سياحية، سكنية، تجارية، وترفيهية، ومتاحف على مقابر وأراض وعقارات وقفية إسلامية ومسيحية، مبينا بأن ما يحدث من طبرية لطمس المسجد واستعمالها بغير أهدافها، ينسجم مع ما تتعرض له مقبرة مأمن الله بالقدس، ومقبرة الزرنوقة في صرفند والمسجد في عسقلان.

ولإنقاذ ما تبقى من مقدسات وللحفاظ عليها، دعا المحامي خمايسة لجنة المتابعة العليا لإقامة هيئة خاصة تعمل على متابعة ملفات المقدسات، عبر جردِهَا وصيانتها ورعايتها والمطالبة بتحريرها ونقلها لأصحابها، مؤكدا بأن المحاكم الإسرائيلية ما كانت لتنصف قضايا المقدسات، ودائما ما كانت تنحاز للمؤسسة الإسرائيلية وتشرعن سلب المقدسات وطمسها وبيعها وإقامة المشاريع السكنية والتجارية والصناعية فوقها، واستخدامها في غير أهدافها حتى تحويل بعضها لكنس.

(نقلا عن موقع “عرب 48”)

 

شارك عبر شبكات التواصل :