بقلم: جوناثان كوك- فرنسا
سجن 1391، بناية مبنية من الاسمنت في وسط (إسرائيل)، يتوسط “كيبوتس” قرية تعاونية إستيطانية بالكاد ترى في أعلى التلة لأنها محاطة بالأشجار الحرجية والجدران المرتفعة. برجين مراقبة توفر الحراسة العسكرية والمراقبة المكثفة لمحيط المنطقة. يبدو السجن من الخارج كأي مركز شرطة بناه البريطانيون في الثلاثينات أبان انتدابهم لفلسطين، وتستغل أغلب هذه الأبنية كقواعد عسكرية، وتتم الإشارة إلى هذه الأبنية من خلال لافتات طرق يكتب عليها أرقاماً فقط.
السجن 1391، القريب من الخط الأخضر، وهو الحدود ما بين (إسرائيل) والضفة الغربية ما قبل العام 1967، مختلف عن غيره من السجون. فهو ليس بمكان معرّف على الخرائط، كما تم محوه عن الصور الجوية كما تم إزالة لافتة الطرق المرقمة مؤخراً. ولقد أزالت الرقابة جميع ما ذكر حول موقع السجن من الإعلام (الإسرائيلي)، مع قول الحكومة (الإسرائيلية) بأن التكتّم والسريّة ضروري “لمنع إلحاق الضرر بأمن الدولة”. وبناءاً على المحامين، فإن الصحفيين الأجانب الذين أفشوا سر المعلومات حول هذا السجن مهددين بالإبعاد من (إسرائيل). لكن، وبالرغم من محاولات الحكومة لفرض تعتيم إعلامي، تم ترسيب معلومات حول أحداث مرعبة جرت في هذا السجن على مدى عقدٍ من الزمان. وكما وصفته إحدى الصحف.
في تشرين الأول من العام 2003، وفي تقرير صدر عن مجموعة محلّفين من الخبراء القانونيين الدوليين، يرأسها ريتشارد غولدستون، قاضي في محكمة جنوب افريفيا الدستورية والذي كان مدعياً عاماً في المحكمة الدولية حول جرائم الحرب التي ارتكبت في يوغسلافيا السابقة ورواندا، وصفوا فيه معسكر الاعتقال في غوانتانامو الذي يدعى معسكر اعتقال إكس راي (X-Ray) أي الأشعة تحت الحمراء “بالحفرة السوداء” التي يختفي فيها كل من يدخلها، بحيث يجردون من جميع حقوقهم الإنسانية التي منحتهم إياها اتفاقيات جنيف. كما أفاد التقرير بأنه “ليس بإمكان الدول احتجاز المعتقلين، الذين يصبحون مسؤولون عنهم، في المناطق الخارجة عن نطاق السلطة القانونية لأي من المحاكم الدولية”.
وبالرغم من أن سجن 1391 الإسرائيلي لم يحظ بأي شهرة مقارنة بالسجن الأمريكي، فإنه ينتهك القوانين الدولي والإنسانية بشكلٍ أفظع. وعلى عكـس معسـكر الاعتقـال الأمريكي (X-Ray)، لا يعرف الجمهور مكان السجن (الإسرائيلي)؛ وليس هناك صور فوتوغرافية قريبة أو حتى بعيدة المدى للمحتجزين فيه كالتي أخذت للمحتجزين في حجيرات معسكر غوانتانامو. وعلى عكس معسكر الاعتقال الأمريكي، لم يفحص أو يفتّش السجن (الإسرئيلي) 1391 مطلقاً من قبل هيئة مستقلة (مثل هيئة الصليب الأحمر الدولي)، ويعتبر ما يحدث في هذا السجن لغزٌ غامضٌ في علم الغيب.
كان بإمكان القاضي “غولدستون” الإعلان بأنه كان يحتجز داخل معسكر الاعتقال (X-Ray) حوالي 662 إنساناً دون أية حجة قانونية”، لكن لا أحد، باستثناء عدد قليل الرسميين من قادة الأمن والحكومة (الإسرائلية)، يعرفون كم عدد المحتجزين في سجن 1391 السري. الشهادت التي أدلى بها عدد من المعتقلين السابقين في ذلك السجن تفترض بأن السجن مزدحم بالمعتقلين.
بعد أربعة شهور على المرة الأولى التي أبيح فيها بوجود ذلك السجن، لا زلنا حتى الآن ننتظر من المحكمة (الإسرائيلية) أن تصدر قراراً تجبر فيه الحكومة (الإسرائيلية) على نشر أية معلومات قيمة حول هذا السجن. “أي شخص يدخل هذا السجن يختفي، ومن المحتمل للأبد”، تقول المحامية (الإسرائيلية) ليئـا تسيمل، والمتخصصة في الدفاع عن الفلسطينيين، وتضيف: “لا فرق بينه وبين سجن تديره الديكتاتوريين العنصريين من جنوب أفريقيا”.
المعلومات القليلة المتوفرة تشير إلى أن أساليب التحقيق تشتمل على التعذيب النفسي والجسدي وبشكل روتيني. المعتقل مصطفى الديراني من ميليشيا حركة “أمل” الشيعية اللبنانية، المفككة حالياً، والذي اختطف على يد القوات (الإسرائيلية) الخاصة من لبنان في العام 1994، وأعترفت (إسرائيل) مؤخراً بنقله إلى السجن 1391، قال “بأنه تعرّض لاغتصابٍ على يد محققيه”.
لقد كان أول شرخٍ في التكتّم (الإسرائيلي) حول هذا السجن جاء على يد المحامية “تسيمل” السنة الماضية، بعيد الاحتياح العسكري (الإسرائيلي) لمدن الضفة الغربية ضمن عملية السور الواقي، في نيسان 2002. ومنذ ذلك الوقت، يبدو أن هذا السجن استخدم بشكلٍ مكثف لاحتجاز المعتقلين الأجانب، على الأغلب أردنيين، لبنانيين، سوريين، مصريين أو إيرانيين. ليس من المعروف كم عدد الذي احتجزوا في هذا السجن. لجنة أنصار السجين في الناصرة، أشارت إلى أنه يوجد 15 أسير من جنسيات أجنبية عربية فقدوا من السجلات (الإسرائيلية) للمعتقلين الفلسطينيين المحتجزين لديها.
هنالك العديد من عمليات الاختطاف، وبالتحديد من لبنان، من المفترض أن (إسرائيل) قامت بها. أربعة رسميين حكوميين إيرانيين اختفوا في بيروت في العام 1982 لم يحسب حسابهم قط. وتطالب عائلاتهم (إسرائيل) بتقديم معلومات تتعلق بمصيرهم، وذلك في عملية تبادل للأسرى التي يتم التفاوض عليها مؤخراً بين (إسرائيل) ومنظمة حزب الله.
بعيد الاعتقالات الجماعية التي جرت في شهر نيسان من العام 2002، والتي أدت إلى زيادة عدد منشئات الاعتقال (الإسرائيلية) إلى أقصى حد، أرسل أيضاً عدد من المعتقلين الفلسطينيين إلى منشأة اعتقال 1391. وكان اختفاء هؤلاء المعتقلين يحجب في خضم الفوضى العارمة التي عمّت بسبب النشاط العسكري (الإسرائيلي) الكاسح للمناطق الفلسطينية. حتى تشرين الأول من العام 2002، طالبت المحامية (الإسرائيلي) “ليئا تسيمل” ومنظمة حقوق إنسان (إسرائيلية) “هموكيد” بمعلومات حول هذا السجن في المحاكم. وطالبوا بطرق قانونية إظهار الفلسطينيين المفقودين لبرهنة أنهم لا زالوا على قيد الحياة.
ومن موضعٍ حرج، اعترفت السلطات (الإسرائيلية) بأن الرجال المفقودين كانوا محتجزين في السجن السري لكنها لم تعط أي تفاصيل. لقد أحالت (إسرائيل) جميع المطالب لمزيد من المعلومات إلى “مادي حرب” رئيس شعبة مكافحة الإرهاب الملحقة بسجن “كيشون” بالقرب من حيفـا. ومنذ بدء تقديم العرائض المطالبة بالمعلومات أو بغيرها من المطالب، اعترفت (إسرائيل) باحتجاز عدد قليل من الفلسطينيين في سجن 1391، بالرغم من أن معتقلين آخرين كثر قالوا بأنهم سبق وكانوا فيه ومن ثم تم نقلهم منه، ومنهم أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية مروان البرغوثي، والذي تتم محامته حالياً. وتدعي (إسرائيل) بأنه تم نقل جميع المعتقلين إلى سجون عادية، وأن واحداً منهم، يدعى بشار جاد الله، (50 عاما)، رجل أعمال من نابلس، قد تم الإفراج عنه.
لقد تم اعتقال بشار جاد الله وابن عمّه محمد جادا لله، (23 عاما)، عن جسر ألنبي، بعد أن عبروا الحدود ما بين (إسرائيل) والأردن في 200/11/2002. لقد أدلى المعتقل المحرر محمد جاد الله بشهادة قال فيها إنه “أجبر على الاعتراف بأنه عضوٌ في حركة حماس بسبب التعذيب الذي تعرّض له”.
ووصف الأسير المحرر بشار جاد الله شهورٍ عدّة أمضاها في العزل القاسي، وبأنه احتجز مع أناسٌ لم يسبق أن رآهم قط، ولم يعرف خلفيتهم، لقد أرهبوه. زنزانته الضيقة، 2م2، لم يكن لها أي نافذة، ودهنت جدرانها باللون الأسود، وكان هناك مصباح خافت يضيء الزنزانة 24 ساعة في اليوم. لقد رفضت إدارة السجن زيارة المحامي له، كما لم يسمح له بالتقاء أي معتقل آخر، وقيل له أنه يحتجز “على القمر” عندما سأل أحد السجانين عن مكان احتجازه. لم يكن يسمح له برؤية أي شيء خارج زنزانته. يقول بشار: “لقد أجبروني على وضع عصبة على كلتا عيني في كل مرة يخرجوني فيها من الزنزانة…كان عليهم تعصيبي إذا ما نقلوني إلى مكان آخر مثل غرفة التحقيق أو عيادة السجن…لا يزيلزن العصبة أبداً إلا إذا كنا داخل المكان المغلق”.
ستقوم مؤسسة “هموكيد” بعرض رأي ذو خبرة علمية من الدكتور “يهوكيم شتاين” مختص بالأمراض النفسية من القدس، حول تأثير الاعتقال في مثل هذه الظروف. يقول الدكتور شتاين بأنه من خلال علاج الأسير المحرر جاد الله وغيره من المعتقلين الفلسطينيين الذي أدلوا بشهاداتهم حول ظروف اعتقالهم، تبين أنهم تعرّضوا لتعذيب عقلي أدّى إلى ظهور “أعراض ف.خ.ض”: الفزع، الخضوع، والضعف. نقص الغذاء، والنوم، والحركة، والمنبهات العقلية، وكذلك استبعاد أي اتصال إنساني (عن كانوا محامين، أفراد من الأسرة، معتقلين آخرين، أو حتى حراس وسجانين) هو بمجمله أسلوب تعذيب مدروس يهدف إلى الحد من القدرة على مقاومة الاستجواب والتحقيق وإجبار المعتقل على أن يكون خاضعاً بشكل كامل للمحققين. هذه الظروف إلى جانب آلام التعذيب أو حتى التهديد باستخدام التعذيب، مع الخوف من القتل أو بمجرد التفكير في أنك شخصٌ منسي، تجعل من المعتقلين مثالاً حياً لما يدعوه الدكتور “شتاين” الفزع المؤذي نفسياً. يقول جادالله: “عدم معرفتي بالمكان الذي احتجز فيه أو حتى عدم رؤيتي لوجوه السجانين جعلني مرتعب جداً. الشيء الأصعب هو شعوري بأني قد اختفي ولن تعرف عائلتي مطلقاً ما قد حصل لي”.
لقد جاءت حساباته لقضية عزله وظروف معيشته بشكلٍ منسجمٍ مع ما جاء في شهادات أدلى بها معتقلين آخرين، وقام بجمعها كل من المحامية “تسيمل” ومؤسسة “هموكيد”. لقد قاموا جميعاً بوصف الرطوبة، الفرشات النتنة ذات الرائحة الكريهة، الحوض “السطل” الذي نادراً ما يكون فارغاً، والذي كان يستخدم لقضاء حاجتهم، وحنفية الماء في الزنزانة التي كان يتحكم بفتحها حارس خفي لا يرى. ضجة عالية تحرم المعتقلين من النوم بالإضافة إلى جهاز تكييف للهواء يستخدم لقرص المعتقلين برداً.
كما تضمنت شهادات المعتقلين وصفاً دقيقاً لأساليب التعذيب، وهي نفسها أساليب التعذيب التي منعتها محكمة العدل العليا الإسرائيلية في العام 1999. حنّا فريدمان، رئيسة الجنة الشعبية لمناهضة التعذيب، قالت بأن مجموعتها قامت بتسجيل ارتفاعا ملحوظا لحالات تعذيب في السجون (الإسرائيلية) خلال الانتفاضة. وفي مسحٍ إحصائي حديث أظهر بأن 58 بالمائة من المعتقلين الفلسطينيين أبلغوا عن استخدام العنف ضدهم، وقد شمل ذلك الضرب المبرح، الركل، الهز العنيف، الإجبار على الجلوس أو الوقوف غير المريح لفترات طويلة، بالإضافة إلى التعمّد في تقييد القدمين واليدين بشكل شديد ومؤلم.
مثل هذه الممارسات وأسوأ منها تحدث بشكل مألوف ويومياً في سجن 1391. بحسب الشهادة التي أدلى بها الأسير محمد جاد الله، كان يتعرّض للضرب بشكلٍ متكرر، وكانت القيود على معصميه تشد بقسوة، وكان يربط إلى الكرسي بشكلٍ مؤلم، بالإضافة إلى عدم السماح له قضاء حاجته وعدم السماح له بالنوم ورشقه بالماء البارد إذا ما استلقى نائماً. لقد عرض عليه رجال المخابرات صور لأفراد من عائلته وهددوه بإيذائهم إذا لم يتجاوب معهم. يقول محمد: “أحضروا لي صوراً لأبي وهو بثياب السجن وعرضوا فيلماً قصيراً يظهر أبي كأنه معتقل لديهم. لقد هددوني بسجنه وبتعذيبه”.
لكن على الأرجح أن هؤلاء المعتقلين لم يعانوا كثيراً بالنسبة لأولئك الذين يقضون فترات طويلة في سجن 1391 من أصحاب الجنسيات الأجنبية من الدول العربية. الفلسيطينيون الذين مرّوا على هذا السجن السرّي بقوا تحت سلطة جهاز الأمن العام (الشاباك)، المسؤول عن عمليات التحقيق في جميع مراكز التوقيف (الإسرائيلية) المعتادة. أما أصحاب الجنسيات الأجنبية فمسؤوليتهم تقع على عاتق شعبة خاصة للمخابرات العسكرية (الإسرائيلية) يطلق عليها اسم “الوحدة 504”. ولقد تم فضح طريقة معاملة هؤلاء السجناء من خلال وثائق رفعت إلى المحكمة التي تبحث في قضية الديراني. لقد تم أسره من منزله في لبنان في شهر أيار من العام 1994 في محاولة للمخابرات (الإسرائيلية) للحصول على معلومات حول مصير الطيار (الإسرائيلي) “رون أراد” الذي تحطمت طائرته في سماء جنوب لبنان في العام 1986. لقد كان أراد في عهدة الديراني لمدة سنتين قبل تسليمه لإيران.
أمضى الديراني، الذي تم نقله إلى سجن “أشموريت” بالقرب من مدينة نتانيا قبل حوالي العام. حوالي 8 سنوات في سجن 1391 السرّي، برفقة أسير مشهورٍ آخر، هو الشيخ عبد الكريم عبيد من حزب الله. في الشهور الأولى من أسر الديراني، وبينما كان الأمل في انتزاع معلومات حول مصير “رون أراد” عالية جداً، تعرّض للتعذيب على يد ضابط محقق في الجيش (الإسرائيلي) يعرف فقط باسم “الرائد جورج”. وبالرغم من أن التحقيق كان مشرعّاً وقتئذ في (إسرائيل) ، يرفع الديراني قضيتين ضد دولة (إسرائيل) والرائد جورج لتعرضه للاغتصاب مرتين. في المرة الأولى أمر الرائد جورج جندياً (إسرائيلياً) باغتصاب الديراني، وفي الثانية، أدخل الرائد جورج عصا “هراوة” خشبية في مؤخرة الديراني.
وجاءت اتهامات الديراني لتثبت ما جاء في الشهادات التي أدلى بها جنود خدموا في هذا السجن السرّي. يقول أحد المحققين: “أعرف أنه كان من المألوف التهديد بإدخال العصا إذا ما رفض المعتقل التجاوب”. العريضة التي وقت من قبل 60 شرطي (إسرائيلي) للدفاع عن “الرائد جورج” لم تنكر أن مثل هذه الممارسات قد نفّذت، ولكن رأت أنه من الظلم صب الملامة على “الرائد جورج” بشخصه، وذلك لممارسته أساليب العمل المتبعة في ذلك السجن. “جورج” بنفسه اعترف بأن تعرية المعتقلين من ملابسهم بشكل كامل كان تصرفاً معتاداً أثناء عملية التحقيق.
جهاد شومان، صاحب الجنسية البريطانية، والذي تتهمه (إسرائيل) بانتمائه لمنظمة حزب الله، بعيد اعتقاله في مدينة القدس في كانون الثاني من العام 2001، كان أيضاً محتجزاً في سجن 1391 السرّي لمدة 3 ليالي. لقد أفاد بتعرضه للضرب المبرح على يد الجنود: “لقد أزالوا العصبة عن عيني. فرأيت 15 جندياً مسلحين، بعضهم بالهراوات، يقفون من حولي. بعضهم قام بضربي ودفعي ولكمي من الخلف”. وبعدها جرى التحقيق معه على يد رجل يلبس زياً رسمياً قال له: “يجب أن تعترف وإلا سوف تنتهي، وسوف لن يعرف أحد ما الذي حصل لك. الاعتراف أو الموت”.
التأثير على عاطفة ونفسية وإرادة المعتقلين شيء لا يمكن تصوره. قريب الأسير الديراني، غسان الديراني، الذي أسر معه في نفس عملية الاختطاف، واحتجز في سجن 1391 السرّي، أصيب بمرض انفصام الشخصية.
بالرغم من أن (إسرائيل) أكدت للمحاكم بأن سجن 1391 هو سجنٌ سري، فليس من الواضح إذا ما كان السجن السري الوحيد في (إسرائيل) . ومن بين الوثائق التي رفعت لمؤسسة “هموكيد” من قبل الجيش (الإسرائيلي) تلك التي لها علاقة بِـ “موسى الزين”، (35 عاما) من، نشيط من منظمة حزب الله كان محتجزاً في سجن الخيّام سيء السمعة في جنوب لبنان في شهر آب من العام 1992. بحسب الرسميين (الإسرائيليين)، تم نقله لاحقاً إلى سجن “باراك” في (إسرائيل) . وفي إحدى إفادات موسى الزين قال بأنه أخذ إلى سجنٍ سريّ، عادة ما كان يذكره السجناء البنانيين بسجن “صرفند”. وهو اسم إنجليزي لقاعدة عسكرية تعرف بٍـ “ترفين”، في إحدى ضواحي تل أبيب.
قبل أن تفرض الحكومة (الإسرائيلية) تعتيماً إعلامياً وحضراً على نشر المعلومات، لم يكن يدعى سجن 1391 السري كناية بالكيبوتس القريب منه. هذا الكيبوتس لم يكن “باراك” ولا حتى “صرفند”، مما أجبر مؤسسة “هموكيد” للشك في أن السجن الذي كان يحتجز فيه موسى الزين لم يكن هو نفسه سجن 1391. مدير مؤسسة “هموكيد” دالية كرستاين، أشارت إلى أن موسى الزين أحتجز في حيفا شمالي (إسرائيل) عندما سمح له برؤية المحامي. الديراني وعبيد، كلا المعتقلين اللذان كان من المعروف أنهما كانا يحتجزان في سجن 1391 السري، كانا دوماً يؤخذان على تل أبيب. وهذا يجعلنا نعتقد أن موسى الزين كان يحتجز في سجنٍ سريٍّ آخر، ربما بالقرب من مدينة حيفا. العديد من المعتقلين الذين كان من المعلوم أنهم كانوا يحتجزون في سجن سريّ، أفادوا بأنهم كانوا قادرين على سماع صوت أمواج البحر، وسجن 1391 يبعد كثيراً عن البحر. آخرين أفادوا بأنهم كانوا قادرين على سماع طائراتٍ تقلع أو أصوات إطلاق نار، ربما يكون مصدرها قاعدة عسكرية. يوجد هناك حوالي 70 بناية (مركز بوليس محصّن عسكرياً كانت قد شيدت في عهد الانتداب البريطاني لفلسطين) ويمكن للعديد منها أن يستخدم دون إثارة أي شبهات حوله.
بناية أخرى، في الخضيرة، جنوب تل أبيب، يشتبه في أن أنها كانت سجناً سرياً حتى السبعينات. ربما كان هناك بعض السوابق. رسميين سابقين في منظمة الصليب الأحمر الدولية، والذين تابعوا قضايا السجناء أثناء الانتفاضة الأولى ما بين الأعوام 1987-1993، قالوا إن المنظمة تعلمت في بداية الثمانينات بأن (إسرائيل) كانت تحتجز الفلسطينيين بشكلٍ سريّ في جناحٍ خاص من مركز اعتقال عسكري بالقرب من مدينة نابلس، عرف باسم “الفارعة”. لقد اشتبهوا في أنه ربما يكون لدى (إسرائيل) العديد من السجون السرية، يتم فتحها بحسب الحاجة وكلما اقتضت الضرورة. أثناء الاحتلال (الإسرائيلي) لجنوب لبنان، استخدم العديد من تلك السجون السرية، كما أن تراكم أعداد المعتقلين الفلسطينيين في السنة الماضية ربما أجبر (الإسرائيليين) إلى إعادة فتح هذه السجون السرية.
كما أعربت “كريستاين” عن تخوفها من أن (إسرائيل) ربما تأجّر خدمات مثل هذه السجون لدولٍ أخرى، وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية بعيد احتلالها الأخير للعراق. كما أكدت منظمة الصليب الأحمر الدولي بأنه لا يوجد أي عراقي محتجز في معسكر اعتقال (X-Ray)، وان التخبّط الحالي الذي يسود العراق، ربما يكون من المستحيل معرفة من اعتقل وأين يحتجز.