كثرت في الأشهر الاخيرة عمليات القتل خارج نطاق القانون او ما يسمى بالإعدامات الميدانيه التي تمارسها قوات الإحتلال الاسرائيلي للشباب الفلسطيني. وفي كل الحالات كانت التهمة جاهزة ، وهي النية لتنفيذ “عملية طعن او محاولة قتل جنود ، او خطف سلاحهم” ، وقد ثبت ، بما لا يدع مجالاً للشك ، ان قوات الاحتلال العسكرية والمدججة بأحدث انواع السلاح المختلفة قادرة على اعتقال هؤلاء الشباب دون القيام بقتلهم وإعدامهم ميدانياً.
وتتم عملية الاعدام بطريقه بشعة ومهينه للبشر تنم عن نفسيه مجرمة بعيده عن الانسانية، وكأننا امام مشهد من مشاهد الاجرام العالمي المنظم، وكثرة عمليات القتل يدل على اننا امام مخطط ممنهج للقتل، وليس حدث عرضي او خطأ تسبب فيه الجندي القاتل.
وطالت عمليات القتل الهمجية، الاطفال والرجال والنساء والشيوخ، آخرها الجدة الشهيدة الشعراوي، ابنة 72 عاماً، قتلها جنود الاحتلال، داخل سيارتها، في الخليل، يوم 6 نوفمبر 2015.
لم يتوقف الامر عند القتل والإعدام، وإنما تعداه الى عمليات التمثيل بالجثامين، بشكل بشع وهمجي، وتمثل في تعرية الشباب، بعد قتلهم. والأمّر من ذلك تعرية الفتيات الشهيدات، وتصويرهن، ونشر صورهن على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد قتلهن. قضية هديل الهشلمون خير دليل على ذلك .
ثم لم تتوقف هذه الجريمة عند هذا الحد بل تعدته الى التحفظ على جثامين الشهداء ومساومة اهليهم على دفنهم وطريقة دفنهم، وهذه تعتبر جريمة اخرى من جرائم الاحتلال وانتهاك آخر لحرمة وكرامة الأموات، والتي تحرمها القوانين والأعراف الدولية.
وقد رصد نشطاء اعلاميون، عمليات إعدام حتى بعد اصابة الشاب وبعد طرحه ارضاً، وبعد زوال الخطر منه، وعندما تحرك مستنجداً لإنقاذه، قامت قوات الاحتلال بإطلاق الرصاص عليه، واردته قتيلاً، بل وتحققت من موته.
وتأتي عمليات الاعدام هذه ، في ظل هجمة تحريض ، منفلته ، على قتل العرب ، تقوم بها شخصيات رسميه ، بداية ، من رئيس الحكومة، الى وزراءه واعضاء كنيست وشخصيات يهودية متنفذه ، والذين نادوا ،بشكل مباشر او غير مباشر ، لإستهداف العرب والتشجيع على قتلهم .
وبعد كل ذلك ، يحق لنا ان نتساءل ، ما معنى تشجيع اليهود لحمل السلاح ، وسرعة استصدار رخصة لحيازته لهم ، أليست هذه دعوة صريحة لقتل العرب ؟! ثم ماذا يعني ان يتطوّر الأمر الى تبادل ادوار بين المستوطنين والأجهزة العسكرية لإستهداف الفلسطيني ، بسبب أنه فلسطيني ؟! . الشهيد فادي علون، من القدس، خير مثال على ذلك.
ثم بعد كل هذه الجرائم المتواصلة على الشعب الفلسطيني ، تقوم سلطات التحقيق ، التابعة للاحتلال ، بتبرئة الجنود والمستوطنين من عمليات القتل ، وتوفر لهم المساندة والدعم القانوني ،وبالتالي فهذا يعطي الضوء الأخضر لمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان ، للمزيد من عمليات الاستهتار بحياة الناس وأرواحهم ، وبالتالي ممارسة الاعدامات الميدانية دون رقيب ، وهذا ما يفسر ازدياد حالات الاعدامات الميدانية للفلسطينيين.
وقد حظر القانون الدولي عمليات الإعدام خارج نطاق القانون، والإعدام التعسفي، والإعدام دون محاكمة، ودعا إلى تجريم من يقوم بها ومعاقبته، وأكد على عدم جواز التذرع بالحالات الاستثنائية.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه ، لماذا يتم تنفيذ هذه الاعدامات الميدانية ، وهل كان بالإمكان اعتقال من تم قتلهم ؟ والجواب هو ، بكل تأكيد ، نعم ، اذاً لماذا يتم اعدامهم ؟!.
كل هذه الحوادث تدل على اننا امام حالة من نشر الفوضى، ونشر القتل والعنف والاستهتار بأرواح العباد، وعلى ما يبدو فأننا امام حاله يريد الاحتلال، ان يصنع اجواءها، من اجل استهداف (اعدام) النشطاء، والقيادات الفلسطينية في القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، من اجل تمرير اجندات تهويديه عنصريه على الفلسطينيين، سكان وجغرافيا.
في ظل هذا الواقع الأليم، من الجرائم التي يمارسها الاحتلال، ليل نهار، على الانسان الفلسطيني، المطلوب ليس، فقط التغني ببطولات الشهداء وإبراز جرأتهم وشجاعتهم، بل ينبغي ان تدوّن وتوثق كل التفاصيل الخطيرة لكل جريمة اعدام، بشكل قانوني مهني، والمطالبة بالتحقيق في كل جريمة، وبعد ذلك ملاحقة المجرمين محلياً ودولياً، لأنه غير ذلك ستنتشر عمليات الاعدام وسيصبح قتل العربي أسهل من شربه ماء.