مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان

Organization for Human Rights Meezaan

أيها الطالب الجامعي انتبه امامك حدود

أخبار مؤسسة ميزان

 

منذ اللحظة التي يبدأ طلابنا العرب دراستهم الأكاديمية يسمعون عدة توجيهات “ونصائح” مختلفة حول ما يجب ولا يجب فعله وقوله في الجامعات. فبدءً من “الجامعة للدراسة وليست للسياسة” وانتهاء ب”الطلاب محرك الثورات” قد يتوه الطالب ولا يعلم كيف يتوجه وماذا يقول في عدة مواقف يمر بها خلال دراسته.
ولإيضاح الجانب القانوني والخطوط الحمراء للنشاط السياسي في الجامعات كان لنا هذا الحديث مع المحامي عمر خمايسي من مؤسسة ميزان لحقوق الانسان.

هل هناك قوانين تخص العمل السياسي في الجامعات؟
– لنبدأ بترتيب الأمور التي تحكم العمل السياسي في الجامعات بشكل خاص وكذلك الأمور العامة أكثر، لأن الطالب مسجل كطالب جامعي لكن لديه تصريحات وأفعالا خارج الجامعة قد يقوم بها ليست بالضرورة ذات علاقة بوجوده في الجامعة، لذا إن أردنا أن نرتب الدوائر المتعلقة بفضاء الحراك السياسي فهناك قوانين الاساس للحفاظ على حق التعبير عن الرأي والتجمهر والتظاهر وإبداء الآراء وما إلى ذلك. طبعا حق التعبير عن الرأي هو فقط العنوان العريض، لكن فيه ايضا تفرعات كثيرة تترجم لتكون وسائل وآليات تتعلق بهذا الجانب. أما في الجامعات فهناك النظام الداخلي للجامعة (תקנון) وهو يأتي لتنظيم العلاقة بين الجامعة والطالب والكادر التعليمي، فيمكن أن نعتبره قانونا داخليا للجامعة.

وهذا يشمل نظاما للفعاليات الجماهيرية وهو الجانب الذي يعنينا هنا، فيحدد ويرسم القواعد والخطوط التي تسمح بها الجامعة. فالقانون اليوم ينظر إلى الجامعة كهيئة ذات صفة عامة وخاصة في نفس الوقت، فهي تخضع للقوانين العامة لكن لها منظومة قوانينها وميزاتها الخاصة. فهي يمكنها أن تحدد أو تضيق الفعاليات المختلفة وتحدد العلاقة بين الطلاب والجامعة وخصوصا الموضوع السياسي كونه محور حديثنا، فهناك عمليا توضح الآليات والسبل التي يجب على كل طالب يقوم بفعالية سياسية أو نشاط ونشر معلومة سياسية، وكذلك الأمر لباقي الأمور. هذه الأنظمة مقسمة حسب بنود تحدد كل شيء وتحدد الجهة المتخصصة التي يجب التوجه إليها عند تنظيم أي فعالية، وهناك أيضا تفصيل لما يترتب من عقوبة على المخالف للنظام. فالأمور واضحة بين الطالب والجامعة فيما يتعلق بالنشاط السياسي، لكن من خلال متابعتي للكثير من النشاطات السياسية الطلابية فبشكل عام لا تعترف الجامعات بشكل رسمي بالكتل السياسية لكن الواقع يحتم عليها التعامل مع هذه الكتل كممثلة للطلاب العرب، فالجامعة تنظر إلى نقابة الطلاب فقط كجسم ممثل ، لكن بسبب أن معظم الطلاب العرب لا يرون في النقابة جسما ممثلا لهم ،لجأت إلى كتل تمثل آراء كل فئة أيضا داخل مجموعة الطلاب العرب هذه الكتل تقدم طلبات لإقامة فعاليات باسم الطلاب كون هذا حقهم، ولكن مع تطور هذا الجانب كان هناك مساس في حق التعبير عن الرأي من قبل الجامعة وكبت ومحاولة تكميم أفواه في الكثير من النشاطات والفعاليات، لذلك تم سن قانون حقوق الطالب الجامعي عام 2007 ليؤكد حقه بممارسة النشاط السياسي في الجامعة وأن الجامعة ليست فقط للتعليم الأكاديمي، كون الجامعة هي الدفيئة لفرز وتصدير قيادات سواء في المجتمع العربي أو اليهودي، فهناك يبدأ صقل شخصية الطالب ليحدد توجهه المستقبلي. فهذا القانون جاء ليلائم ويؤكد حق الحراك السياسي للطلاب، لكن نرى أن الجامعة تستعمل حقها بطريقة فيها كبت للطلاب العرب بالذات، لذلك نرى أن الكثير من الفعاليات التي طلب الطلاب العرب تنظيمها كانت الجامعة ترفض إقامتها أو تقيدها، على سبيل المثال لا الحصر : فقد رفضت جامعة حيفا طلب استضافة الشيخ رائد صلاح، وكذلك رفضت عدة جامعات استضافة قيادات الحركة الاسلامية مرارا وتكرارا. فالجامعة لا تعيش بمعزل عن المجتمع الاسرائيلي والأجواء العنصرية ضد كل ما هو عربي وفلسطيني ،لذلك نرى أن التحريض كان في عدة حالات من مستويات عالية مثل أعضاء كنيست وأحزاب. فعمليا الجامعات تقوم بكبت هذا النشاط والتحرك السياسي، بل وصل الأمر في بعض الحالات إلى ملاحقة الطلاب واخضاعهم لجلسات استماع بشؤون تتعلق بالنظام الداخلي للجامعات، ولكن كما قلت فالموضوع نابع من نظرة عنصرية حين تحاول الجامعة ان تحدد للطلاب من هو المناسب ليستمعوا له ومن لا يجب الاستماع له فهذا أكبر تدخل صارخ في حق التعبير عن الرأي، لا يعقل أن الطالب اليهودي يمكنه سماع قياداته المتطرفة وهذا ممنوع على الطالب العربي. بالإضافة إلى تدخل الجامعة ايضا بتوزيع المناشير وإقامة المعارض وغيرها.

لنتحدث أيضا عن الطلاب كأفراد وليس ككتل، ما هي حدود نشاطهم السياسي في الجامعة؟
– بخصوص النظام الموجود في الجامعة فهو لا يعترف بوجود الكتل ويتوجه بالأساس إلى الطلاب، فكل طالب من حقه تقديم طلب لإقامة أي فعالية، فالسؤال هنا هل يلاحق الطالب على تصريحات فردية يقوم بها بالحديث مع زملائه أو بالنقاش مع المحاضر، طبعا هنا أيضا توجد القوانين الداخلية للجامعة التي لا تتحدث عن كتم الأصوات إنما هناك مجال للنقاش وإبداء الرأي، لكن بدون المساس بالآخر، وغالبا ما نجد المجتمع العربي هو الضحية ، فالتهجم أكثر على العرب ، وقد يكون حتى من قبل محاضرين، ونحن كمؤسسة قمنا في بعض الحالات بالتوجه للمحكمة لملاحقة هؤلاء الأشخاص على أن تصريحاتهم وأقوالهم فيها عنصرية أو تحريض على العنف. فهناك مسؤولية جنائية على كل شخص، وبالتالي فهنا نخضع أكثر للقانون العام أكثر من قانون الجامعة الداخلي، فإذا قام أي طالب بأي عمل خارج الجامعة من اشتراك بمظاهرات وفعاليات سياسية فلا يحق للجامعة محاسبته، لذا إذا قام طالب بالاشتراك بمظاهرة خارج الحرم الجامعي ضد سياسات الجامعة وحتى حملة مقاطعة ضد الجامعة فلا يعتبر هذا أمرا يمكن للجامعة التدخل فيه وهو ليس مخالفة.

ماذا عن أمور فردية داخل الجامعة مثل حديث داخل القاعة،رفع علم وما إلى ذلك؟
– النظام الداخلي يخاطب الطالب أيضا لو قام بعمل فردي، فمثلا توزيع نشرة تتعلق بموضوع مناصرة فكرة معينة دون موافقة عميد الطلاب ،فيحق للجامعة مساءلة الطالب وتقديمه للجنة استماع أما إن أسمع الطالب رأيه خلال نقاش في محاضرة مثلا دون مساس بالطرف الآخر طبعا، فهنا نتحدث عن نقاش علمي ليس فيه أي مساس أو تعد.

وأين يقع الحد بين الحديث الموضوعي والمساس بالآخر، مثلا هل تعد كلمة “احتلال” تجاوزا؟
– كلمة احتلال اليوم لا تروق للكثير من المؤسسات في الدولة الا أنها كلمة شرعية، هذه كلمة تحدث عنها القانون الدولي والمحاكم الدولية والتي قالت إن منطقة الجدار الفاصل منطقة احتلالية. رفع علم فلسطين ليس مخالفة قانونية لكن إن كان هذا الفعل ينطوي على اخلال بالنظام العام فمن حق الشرطة مطالبة الشخص بإنزال العلم ، لكن لكل موضوع هناك حيثيات متعلقة به ليس هناك قاعدة او استشارة عامة. فمثلا إذا كان يجب أن نقرر ما هو القول المخالف للقانون فهو يتعلق بالظروف وإن شعر الشخص الآخر بالأذى أو الاهانة. كذلك الامر اذا كان الخطاب فيه نوع من التهديد فهو مخالفة جنائية، هذا موضوع واسع حسب الحديث وتوقيته ومكانه.

هل يمكن تحديد خط معين لا يجب على الطالب تجاوزه؟
– لا، لكن حين نتكلم عن العمل السياسي نجد أن الذي يقوم بدور تحديد الخطوط الحمراء هو اجهزة المخابرات (الشاباك) التي تعمل بشكل نشط في الجامعات وتقوم باستدعاء الكثير من طلاب الجامعات وخصوصا الناشطين منهم سياسيا بخصوص الفعاليات المختلفة، المخابرات والشرطة تعلم أن هؤلاء الطلاب يعملون في أطر سياسية ونشاطات سياسية قانونية ولا يقومون بأي مخالفة ، لكن عملهم لا يروق للجهات الأمنية فنرى الكثير من هؤلاء الطلاب تم استدعاؤهم لما يسمى جلسة تعارف او تنبيه أو دردشة وما إلى ذلك من مصطلحات لإيصال رسالة واضحة وصريحة لهم أن هناك عدة اختيارات، فالعرض الأول يكون العمل معهم، ثم يأتي التهديد بالملاحقة وإعاقة التوظيف المستقبلي، مع العلم أن هذه الجلسات تأتي لترسم للطلاب الخطوط الحمراء ، رغم ان سلاح الطالب الوحيد في هذه الحالية هو الكلمة والنشاط، فلا يوجد أي فعل نضالي آخر للطالب.

وهل الأمر سار ليس فقط على الطلاب التابعين للكتل؟
– هذا ينطبق على الطالب بمجرد التحاقه بالجامعة بل ولمن لم يلتحق بعد بالجامعة أو تخرج منها. كذلك الاستدعاء ممكن للطلاب والطالبات، فقد تم استدعاء طلاب وأيضا طالبات،. ولكن من المهم أن نفهم أن هذه التهديدات عادة فارغة الرصيد حيث أن الطلاب ينهون تعليمهم ويعملون في أكبر الشركات.

هل هناك فئة من الطلاب معرضة أكثر لمثل هذه المساءلة؟
– كما قلت في البداية، فالطالب في فترة انتقالية يخرج من أجواء التبعية والربط بالأهل والبيت، وينتقل الطالب للاستقلالية دفعة واحدة، وهنا تكمن الخطورة ، فلدى الطالب استعداد ليتقبل كل شيء جديد ويمكن أن يضل الطريق فمن الممكن أن يكون هناك بعض الطلاب الذين يروجون لأفكار معينة قد توقع هذا الطالب مع العلم أنه يظن أنه يقوم بعمل سياسي ولا يعلم أن هذا الأمر ممنوع. لذا نجد عدة طلاب وقعوا في هذا الفخ بوسائل مختلفة.

نصيحة للطلاب
هل هناك نصيحة تقدمها للطلاب في نهاية اللقاء؟
– أنصح الطلاب أن يقرءوا القوانين قبل أن يعملوا حسبها أو ضدها، كذلك أؤكد أن العمل في إطار الأحزاب الطلابية أكثر نظاما وأمانا وهذا بالأساس لأنه عمل مستمر يحوي التناصح والتوريث الذي يجعل الطالب يصقل شخصيته بشكل صحيح ومنظم.

شارك عبر شبكات التواصل :

اخر الأخبار